إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} وَفِي سُورَةِ الْقِتَالِ مِثْلُهَا، وَتَقَدَّمَ فِي قوله تعالى: {ولو ترى إذ المجرمون فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} أي باسطو أيديهم بالضرب فيهم بأمر ربهم إِذَا اسْتَصْعَبَتْ أَنْفُسُهُمْ، وَامْتَنَعَتْ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الأجساد أن تخرج قهراً، وذلك إذا بَشَّرُوهُمْ بِالْعَذَابِ وَالْغَضَبِ مِنَ اللَّهِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ: "إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ إِذَا جَاءَ الْكَافِرَ عِنْدَ احْتِضَارِهِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ الْمُنْكَرَةِ يَقُولُ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ إِلَى سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ، فَتَتَفَرَّقُ فِي بَدَنِهِ، فَيَسْتَخْرِجُونَهَا مِنْ جَسَدِهِ كَمَا يَخْرُجُ السَّفُّودُ من الصفوف الْمَبْلُولِ، فَتَخْرُجُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ"، وَلِهَذَا أَخْبَرَ تعالى أن الملائكة تقول لَهُمْ: ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} أَيْ هَذَا الْجَزَاءُ بِسَبَبِ مَا عَمِلْتُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا،
جَازَاكُمُ اللَّهُ بِهَا هَذَا الْجَزَاءَ، {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَاّمٍ لِّلْعَبِيدِ}: أَيْ لَا يَظْلِمُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، بَلْ هُوَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُورُ، تبارك وتقدس الغني الحميد، ولهذا جاء في الحديث القدسي الصحيح: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمِنْ وَجَدَ غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute