الله بها رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أحمد بن حنبل، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ - قَالَ، قَالَ لِي جِبْرِيلُ: لو رأيتني وقد أخذت من حال (حال البحر: طينه الأسود) الْبَحْرِ فَدَسَسْتُهُ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تَنَالَهُ الرحمة" (ورواه الترمذي وابن أبي حاتم وقال الترمذي: حديث حسن).
وقوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ: إنَّ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ شَكُّوا فِي مَوْتِ فِرْعَوْنَ، فأمر الله البحر أن يلقيه بجسده سوياً بلا روح، ليتحققوا من مَوْتَهُ وَهَلَاكَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ} أَيْ نَرْفَعُكَ عَلَى نَشَزٍ مِنَ الْأَرْضِ {بِبَدَنِكَ}، قَالَ مُجَاهِدٌ: بِجَسَدِكَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: بِجِسْمٍ لَا روح فيه، وَقَوْلُهُ: {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} أَيْ لِتَكُونَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ دَلِيلًا عَلَى مَوْتِكَ وَهَلَاكِكَ، وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْقَادِرُ الَّذِي نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّةٍ بيده، وأنه لا يقوم لغضبه شيء، {وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} أي لا يتعظون بها ولا يعتبرون بها، وقد كان إهلاكهم يوم عاشوراء كما قال ابن عباس: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ واليهود تصوم يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تصومونه؟» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «وأنتم أحق بموسى منهم فصوموه» (رواه البخاري عن ابن عباس).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute