للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- ٧ - لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ

- ٨ - إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ

- ٩ - اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ

- ١٠ - قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وألقوه فِي غيابت الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ

يَقُولُ تَعَالَى: لَّقَدْ كَانَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ وخبره مع إخوته {آيَاتٌ} أي عبرة وموعظة {لِّلسَّائِلِينَ} عن ذلك، فإنه خبر عجيب يستحق أن يخبر عَنْهُ، {إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} أي حلفوا بما يَظُنُّونَ وَاللَّهِ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ، يَعْنُونُ بِنْيَامِينَ، وَكَانَ شَقِيقَهُ لِأُمِّهِ {أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} أَيْ جَمَاعَةٌ، فَكَيْفَ أَحَبَّ ذَيْنِكَ الِاثْنَيْنِ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمَاعَةِ؟ {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} يَعْنُونَ فِي تَقْدِيمِهِمَا عَلَيْنَا، وَمَحَبَّتِهِ إِيَّاهُمَا أَكْثَرَ مِنَّا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نُبُوَّةِ إِخْوَةِ يُوسُفَ، وَظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ؛ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُمْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ وَيَحْتَاجُ مُدَّعِي ذَلِكَ إِلَى دَلِيلٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا سِوَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ}، وَهَذَا فِيهِ احْتِمَالٌ، لِأَنَّ بُطُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُمُ الْأَسْبَاطُ، كَمَا يُقَالُ لِلْعَرَبِ قَبَائِلُ وَلِلْعَجَمِ شُعُوبٌ، يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّهُ أَوْحَى إِلَى الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَذَكَرَهُمْ إِجْمَالًا لِأَنَّهُمْ كَثِيرُونَ، وَلَكِنَّ كُلَّ سِبْطٍ مِنْ نَسْلِ رَجُلٍ مِنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ، وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَعْيَانِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

{اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} يَقُولُونَ: هَذَا الَّذِي يُزَاحِمُكُمْ فِي مَحَبَّةِ أَبِيكُمْ لَكُمْ، أَعْدِمُوهُ مِنْ وَجْهِ أبيكم، ليخلوا لكم وحدكم، إما بأن تقتلوه، أو أن تُلْقُوهُ فِي أَرْضٍ مِنَ الْأَرَاضِي تَسْتَرِيحُوا مِنْهُ وتخلوا أنتم بأبيكم، {وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ}، فَأَضْمَرُوا التَّوْبَةَ قَبْلَ الذَّنْبِ {قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ}، قال قتادة: وكان أَكْبَرَهُمْ وَاسْمُهُ رُوبِيلُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: الَّذِي قَالَ ذَلِكَ يَهُوذَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ شَمْعُونُ {لَا تَقْتُلُواْ يُوسُفَ} أَيْ لَا تَصِلُوا فِي عَدَاوَتِهِ وَبُغْضِهِ إِلَى قَتْلِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَبِيلٌ إِلَى قَتْلِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ يُرِيدُ مِنْهُ أَمْرًا لَا بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهِ وَإِتْمَامِهِ، مِنَ الْإِيحَاءِ إِلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ، وَمِنَ التَّمْكِينِ لَهُ بِبِلَادِ مِصْرَ وَالْحُكْمِ بِهَا، فَصَرَفَهُمُ اللَّهُ عَنْهُ بِمَقَالَةِ رُوبِيلَ فِيهِ، وَإِشَارَتِهِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُلْقُوهُ {فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ} وَهُوَ أَسْفَلَهُ، قَالَ قَتَادَةُ: وَهِيَ بِئْرُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ} أي المارة من المسافرين فتستريحوا منه بِهَذَا وَلَا حَاجَةَ إِلَى قَتْلِهِ، {إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} أَيْ إِنْ كُنْتُمْ عَازِمِينَ عَلَى مَا تقولون، قال محمد بن إسحاق: لَقَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ مِنْ قَطِيعَةِ الرحم، وعقوق الوالد، وقلة الرأفة بالصغير الذي لا ذنب له، وليفرقوا بينه وبين أبيه وَحَبِيبِهِ عَلَى كِبَرِ سِنِّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>