للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يسومونهم به من العذاب والإذلال، حيث كَانُوا يَذْبَحُونَ مَنْ وُجِدَ مِنْ أَبْنَائِهِمْ، وَيَتْرُكُونَ إناثهم فأنقذهم الله مِنْ ذَلِكَ، وَهَذِهِ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ} أَيْ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْهُ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ أَنْتُمْ عاجزون عن القيام بشكرها. وقيل {بَلَاءٌ} أَيِ اخْتِبَارٌ عَظِيمٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ المراد هذا، وهذا - والله أعلم - كقوله تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بالحسنات والسيئات لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، وَقَوْلُهُ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} أَيْ آذَنَكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِوَعْدِهِ لَكُمْ؛ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَإِذْ أقسم ربكم وآلى بعزته وجلاله وكبريائه، كقوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ القيامة}. وَقَوْلُهُ: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} أَيْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ لِأَزِيدَنَّكُمْ مِنْهَا، {وَلَئِن كَفَرْتُمْ} أَيْ كَفَرْتُمُ النِّعَمَ وَسَتَرْتُمُوهَا وَجَحَدْتُمُوهَا، {إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} وَذَلِكَ بِسَلْبِهَا عَنْهُمْ وَعِقَابِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى كُفْرِهَا، وقد جاء الْحَدِيثِ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ». وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} أَيْ

هُوَ غَنِيٌّ عَنْ شُكْرِ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْحَمِيدُ الْمَحْمُودُ وَإِنَّ كَفَرَهُ مَنْ كَفَرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>