- ٢٠ - كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً
- ٢١ - انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً
يَقُولُ تَعَالَى {كُلاًّ} أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ الَّذِينَ أَرَادُوا الدُّنْيَا وَالَّذِينَ أرادوا الآخرة، نمدهم فيما فيه {مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ} أي هو التصرف الْحَاكِمُ الَّذِي لَا يَجُورُ فَيُعْطِي كُلًّا مَا يستحقه من السعادة والشقاوة، وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} أَيْ لَا يَمْنَعُهُ أَحَدٌ وَلَا يَرُدُّهُ رَادٌّ، قال قتادة {مَحْظُوراً}، أي منقوصاً، وقال الحسن وغيره: أي مَمْنُوعًا، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} أي فِي الدُّنْيَا، فَمِنْهُمُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالْحَسَنُ وَالْقَبِيحُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَمَنْ يَمُوتُ صَغِيرًا، وَمَنْ يُعَمَّرُ حَتَّى يَبْقَى شَيْخًا كَبِيرًا، وَبَيْنَ ذَلِكَ {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}: أَيْ وَلَتَفَاوُتُهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ مِنَ الدُّنْيَا، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِي الدَّرَكَاتِ فِي جَهَنَّمَ وَسَلَاسِلِهَا وَأَغْلَالِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَنَعِيمِهَا وَسُرُورِهَا، ثُمَّ أَهْلُ الدَّرَكَاتِ يتفاتون فِيمَا هُمْ فِيهِ، كَمَا أَنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ يَتَفَاوَتُونَ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى لَيَرَوْنَ أَهْلَ عِلِّيِّينَ، كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الْغَابِرَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ»، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وأكبر تفضيلا}.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute