للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} أي أَعْلَمُ بِأَمْرِكُمْ، وَكَأَنَّهُ حَصَلَ لَهُمْ نَوْعُ تَرَدُّدٍ فِي كَثْرَةِ نَوْمِهِمْ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ عَدَلُوا إِلَى الْأَهَمِّ فِي أَمْرِهِمْ إِذْ ذَاكَ، وَهُوَ احْتِيَاجُهُمْ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَقَالُوا: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ} أَيْ فِضَّتِكُمْ هَذِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا قَدِ اسْتَصْحَبُوا مَعَهُمْ دَرَاهِمَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا، فَتَصَدَّقُوا مِنْهَا وَبَقِيَ مِنْهَا؛ فَلِهَذَا قَالُوا {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} أَيْ مدينتكم التي خرجتم منها {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَى طَعَاماً} أَيْ أَطْيَبُ طَعَامًا، كقوله: {ما زكى منكم أحد أبداً}، وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ من تزكى}، ومنه الزكاة التي تطيب المال وتطهره. وقوله {وَلْيَتَلَطَّفْ} أي في خروجه وإيابه، يقولون وليختف كُلَّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، {وَلَا يُشْعِرَنَّ} أَيْ وَلَا يُعْلِمَنَّ {بِكُمْ أَحَداً * إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ} أَيْ إِنْ عَلِمُوا بِمَكَانِكُمْ {يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ} يَعْنُونَ أَصْحَابَ دَقْيَانُوسَ، يَخَافُونَ مِنْهُمْ أَنْ يَطَّلِعُوا عَلَى مَكَانِهِمْ، فَلَا يزالون يعذبونكم بأنواع العذاب إلى أن يعيدوكم فِي مِلَّتِهِمُ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا أَوْ يَمُوتُوا،

وإن وافقتموهم عَلَى الْعَوْدِ فِي الدِّينِ فَلَا فَلَاحَ لَكُمْ في الدينا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً}.

<<  <  ج: ص:  >  >>