للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- ١٠ - قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَاّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً

- ١١ - فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِن الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} أَيْ عَلَامَةً وَدَلِيلًا عَلَى وُجُودِ مَا وَعَدْتَنِي، لِتَسْتَقِرَّ نَفْسِي وَيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بِمَا وَعَدْتَنِي، كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى * قال أو لم تُؤْمِن؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}، {قَالَ آيَتُكَ} أَيْ عَلَامَتُكَ {أَلَاّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} أي أن يُحبس لِسَانَكَ عَنِ الْكَلَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَأَنْتَ صَحِيحٌ سَوِيٌّ، مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ وَلَا عِلَّةٍ، قَالَ ابن عباس ومجاهد وَغَيْرُ وَاحِدٍ: اعْتُقِلَ لِسَانُهُ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ ولا علة. قال زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: كَانَ يَقْرَأُ وَيُسَبِّحُ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُكَلِّمَ قَوْمَهُ إِلَّا إِشَارَةً، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} أي متتابعات (القول الأول عن ابن عباس وعن الجمهور أصح كما في آل عمران {قَالَ آيَتُكَ أَلَاّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا، وَاذْكُرْ رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ والإبكار}). وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} مِنْ غَيْرِ خَرَسٍ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ وَأَيَّامِهَا {إِلَاّ رَمْزاً} أَيْ إِشَارَةً، وَلِهَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ} أَيِ الَّذِي بُشِّرَ فِيهِ بِالْوَلَدِ {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ} أَيْ أَشَارَ، إِشَارَةً خَفِيَّةً سَرِيعَةً {أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً} أَيْ مُوَافَقَةً لَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ فِي هذه الأيام الثلاثة زيادة على أعماله، شكراً لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَاهُ. قَالَ مُجَاهِدٌ {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ} أي أشار (وهذا القول أرجح، وبه قال وهب وقتادة). وقال مجاهد: أي كتب لَهُمْ فِي الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>