للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- ٧٣ - وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً

- ٧٤ - وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْيًا

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْكُفَّارِ حِينَ تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ اللَّهِ ظَاهِرَةَ الدَّلَالَةِ بَيِّنَةَ الْحُجَّةِ وَاضِحَةَ الْبُرْهَانِ، أَنَّهُمْ يَصُدُّونَ ويعرضون عن ذلك، وَيَقُولُونَ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا مُفْتَخِرِينَ عَلَيْهِمْ وَمُحْتَجِّينَ عَلَى صِحَّةِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ الْبَاطِلِ بِأَنَّهُمْ {خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً} أَيْ أَحْسَنُ مَنَازِلَ، وَأَرْفَعُ دُوْرًا، وَأَحْسَنُ نَدِيًّا، وَهُوَ مجتمع الرِّجَالِ لِلْحَدِيثِ، أَيْ نَادِيهِمْ أَعْمَرُ وَأَكْثَرُ وَارِدًا وطارقاً، يعنون فكيف نكون نحن بهذه المثابة على باطل؟ كَمَا قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْهُمْ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ}، وَقَالَ قَوْمُ نُوحٍ، {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ منَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَآ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بالشاكرين}؟ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى، رَادًّا عَلَيْهِمْ شُبْهَتَهُمْ: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ}: أَيْ وَكَمْ مِنْ أمة وقرن من المكذبين، وقد أَهْلَكْنَاهُمْ بِكُفْرِهِمْ {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْيًا} أَيْ كَانُوا أَحْسَنَ مِنْ هَؤُلَاءِ أَمْوَالًا وَأَمْتِعَةً وَمَنَاظِرَ وأشكالاً. قال ابن عباس {خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً} الْمَقَامُ: الْمَنْزِلُ، وَالنَّدِيُّ: الْمَجْلِسُ، وَالْأَثَاثُ: الْمَتَاعُ، وَالرِّئْيُ: المنظر، وهو كما قال الله تَعَالَى: {كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} فَالْمَقَامُ الْمَسْكَنُ وَالنَّعِيمُ، وَالنَّدِيُّ: الْمَجْلِسُ، وَالْمَجْمَعُ، الَّذِي كانوا يجتمعون فيه، وقال تعالى فِيمَا قَصَّ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْرِ قَوْمِ لوط {وَتَأْتُونَ في ناديكم المنكر} وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْمَجْلِسَ النَّادِي، وَقَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا رَأَوْا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عيشهم خشونة وفيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>