للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- ١١ - فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى

- ١٢ - إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى

- ١٣ - وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى

- ١٤ - إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي

- ١٥ - إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى

- ١٦ - فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى

يَقُولُ تَعَالَى {فَلَمَّآ أَتَاهَا} أَيِ النَّارَ وَاقْتَرَبَ مِنْهَا {نُودِيَ يَا مُوسَى}، وَفِي الْآيَةِ الأُخْرى: {نودي من شاطئ الوادي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا موسى إني أَنَا الله}، وقال ههنا: {إِنِّي أَنَاْ رَبُّكَ} أَيِ الَّذِي يُكَلِّمُكَ وَيُخَاطِبُكَ {فاخلع نَعْلَيْكَ} قيل: كانتا من جلد حمار غير ذكي (قاله علي بن أبي طالب وغير واحد من السلف)، وَقِيلَ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ تَعْظِيمًا لِلْبُقْعَةِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَمَا يُؤْمَرُ الرَّجُلُ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ، وَقِيلَ لِيَطَأَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ بِقَدَمَيْهِ حَافِيًا غَيْرَ مُنْتَعِلٍ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وقوله: {طُوًى} قال ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ اسْمٌ لِلْوَادِي، وَكَذَا قَالَ غير واحد، وقيل: عبارة عن الأمر بالوطء بقدميه، والأول أصح كقوله {إِذْ ناده ربه بالوادي المقدس طوى}، وَقَوْلُهُ: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ}، كَقَوْلِهِ: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى الناس بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} أَيْ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ مِنَ الْمَوْجُودِينَ فِي زمانه، وقد قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: يَا مُوسَى أتدري لم اختصصتك بِالتَّكْلِيمِ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: لأني لم يتواضع إليَّ أَحَدٌ تَوَاضُعَكَ، وَقَوْلُهُ: {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} أَيِ واستمع الْآنَ مَا أَقُولُ لَكَ، وَأُوحِيهِ إِلَيْكَ {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا}، هَذَا أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَقَوْلُهُ: {فَاعْبُدْنِي} أَيْ وَحِّدْنِي وَقُمْ بِعِبَادَتِي مِنْ غَيْرِ شَرِيكٍ، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} قِيلَ مَعْنَاهُ: صَلِّ لِتَذْكُرَنِي، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ عِنْدَ ذِكْرِكَ لِي، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الثَّانِي مَا روي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: "إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قد قال: وأقم الصلاة لذكري" (أخرجه الإمام أحمد عن أنَس بن مالك). وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أنَس قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ» (أخرجه الشيخان عن أنَسٍ أيضاً).

وقوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ}: أَيْ قَائِمَةٌ لَا مَحَالَةَ وَكَائِنَةٌ لَا بُدَّ مِنْهَا. وَقَوْلُهُ {أَكَادُ أُخْفِيهَا} قال ابن عباس: أي لَا أُطْلِعُ عَلَيْهَا أَحَدًا غَيْرِي، وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَاّ قد أخفى الله تعالى عَنْهُ عِلْمَ السَّاعَةِ؛ وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنِّي أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي، يَقُولُ: كتمتها من الْخَلَائِقِ، حَتَّى لَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أَكْتُمَهَا مِنْ نفسي لفعلت. قال قتادة: لَقَدْ أَخْفَاهَا اللَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، قُلْتُ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل لَاّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الغيب إلا الله}، وقال: {ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>