كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}، {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شتى} أي من أنواع النَّبَاتَاتِ مِنْ زُرُوعٍ وَثِمَارٍ، وَمِنْ حَامِضٍ وَحُلْوٍ ومر، وَسَائِرِ الْأَنْوَاعِ، {كُلُواْ وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} أَيْ شَيْءٌ لطعامكم وفاكهتكم، وشيء لأنعامكم لأقواتها خضراً ويبساً، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ} أَيْ لَدَلَالَاتٍ وَحُجَجًا وَبَرَاهِينَ، {لأُوْلِي النُّهَى} أَيْ لِذَوِي الْعُقُولِ السَّلِيمَةِ المستقيمة، {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} أَيْ مِنَ الْأَرْضِ مَبْدَؤُكُمْ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ آدَمَ مَخْلُوقٌ مِنْ تُرَابٍ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ، وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ أَيْ وَإِلَيْهَا تَصِيرُونَ إِذَا مُتُّمْ وَبَلِيتُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى، {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فستجيبون بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَاّ قَلِيلاً}. وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ}، وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي السُّنَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَرَ جِنَازَةً، فَلَمَّا دُفِنَ الْمَيِّتُ أَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ فألقاها في القبر، وقال: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى وَقَالَ: وَفِيهَا نعيدكم، ثم أُخْرَى وَقَالَ: وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى، وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى}، يَعْنِي فِرْعَوْنَ أَنَّهُ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَجُ وَالْآيَاتُ وَالدَّلَالَاتُ، وَعَايَنَ ذَلِكَ وَأَبْصَرَهُ فَكَذَّبَ بِهَا وَأَبَاهَا كُفْرًا وَعِنَادًا وَبَغْيًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} الآية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute