- ٦٧ - لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ
- ٦٨ - وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ
- ٦٩ - اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
يُخْبِرُ تَعَالَى أنه جعل لكل قوم منسكاً، وَأَصِلُ الْمَنْسَكِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الْمَوْضِعُ الذي يعتاده الإنسان ويتردد إليه، ولهذا سميت مناسك الحج بذلك، لتردد الناس إليها وعكوفهم عليها، والمراد لكل أمة نبي جعلنا منسكاً، {فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} أَيْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ، {هُمْ نَاسِكُوهُ} أي فاعلوه، فالضمير ههنا عَائِدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَهُمْ مَنَاسِكُ وَطَرَائِقُ، فَلَا تَتَأَثَّرْ بِمُنَازَعَتِهِمْ لَكَ وَلَا يَصْرِفْكَ ذَلِكَ عَمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} أَيْ طَرِيقٍ وَاضِحٍ مُسْتَقِيمٍ مُوصِلٍ إِلَى الْمَقْصُودِ، وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ: {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إليك}، وَقَوْلِهِ: {وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ كَقَوْلِهِ: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شيهدا بيني وبينكم}، وَلِهَذَا قَالَ: {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}، وهذه كقوله تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كتاب} الآية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute