النساء» قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: «الْحَمْوُ الموت». وقوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} الآية، كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَانَتْ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ وَفِي رَجْلِهَا خَلْخَالٌ صَامِتٌ لَا يعلم صوتها ضربت برجلها الأرض، فيسمع الرِّجَالُ طَنِينَهُ، فَنَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنَاتِ عَنْ مَثَلِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ زِينَتِهَا مَسْتُورًا فَتَحَرَّكَتْ بِحَرَكَةٍ لِتُظْهِرَ مَا هُوَ خَفِيٌّ دَخَلَ فِي هَذَا النَّهْيِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} إلى آخره، ومن ذلك أَنَّهَا تُنْهَى عَنِ التَّعَطُّرِ وَالتَّطَيُّبِ عِنْدَ خُرُوجِهَا من بيتها، فيشم الرجال طيبها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بالمجلس فهي كذا وكذا» يعني زانية. (أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، ورواه أيضاً ابو داود والنسائي). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه لقي امرأة شم مِنْهَا رِيحَ الطِيبِ وَلِذَيْلِهَا إِعْصَارٌ، فَقَالَ: يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ جِئْتِ مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قال لها: تَطَيَّبْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ حِبِّي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لا يقبل الله صلاة امرأة طيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغسل غسلها من الجنابة» (أخرجه أبو داود وابن ماجه)، وفي الحديث: «الرَّافِلَةُ فِي الزِّينَةِ فِي غَيْرِ أَهْلِهَا كَمَثَلِ ظلمة يوم القيامة لا نور لها» (أخرجه الترمذي عن ميمونة بنت سعد مرفوعاً)، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُنَّ يُنهَيْنَ عَنِ الْمَشْيِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّبَرُّجِ، فقد روي عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أبيه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَقَدِ اخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ: «اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ ليس لكن أن تحتضن الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ»، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُلْصَقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لِيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لصوقها به (أخرجه الترمذي في السنن)، وقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أَيْ افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ مِنْ الصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْجَلِيلَةِ، وَاتْرُكُوا مَا كَانَ عليه أهل الجاهلية من الأخلاق والصفات الزديلة، فَإِنَّ الْفَلَاحَ كُلَّ الْفَلَاحِ فِي فِعْلِ مَا أمر الله ورسوله، وترك ما نهى عنه والله تعالى المستعان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute