شرع سبحانه وتعالى فيَّ بيانه الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُودِهِ، وَقُدْرَتِهِ التَّامَّةِ عَلَى خلق الأشياء المختلفة والمتضادة، فقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}؟ قال ابن عباس ومجاهد: هُوَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ {وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً} أَيْ دَائِمًا لا يزول، وقوله تعالى:
{ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً} أَيْ لَوْلَا أن الشمس تطلع عليه لما عرف، وقال قتادة والسدي: دليلاً تتلوه وتتبعه حتى تأتي عليه كله، وقوله تعالى: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً} أَيِ الظِّلَّ، وَقِيلَ الشَّمْسَ، {يَسِيراً} أَيْ سَهْلًا، قَالَ ابْنُ عباس: سريعاً، وقال مجاهد خَفِيًّا حَتَّى لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ ظِلٌّ إلاّ تحت سقف أو تحت شجرة. وقال أيوب بن موسى {قَبْضاً يَسِيراً}: قَلِيلًا قَلِيلًا. وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الليل لِبَاساً} أي يلبس الوجود ويغشاه، كما قال تعالى: {والليل إِذَا يغشى}، {والنوم سُبَاتاً} أي قاطعاً لِلْحَرَكَةِ لِرَاحَةِ الْأَبْدَانِ، فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ وَالْجَوَارِحَ تَكِلُّ من كثرة الحركة، فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ وَسَكَنَ سَكَنَتِ الْحَرَكَاتُ فَاسْتَرَاحَتْ، فَحَصَلَ النَّوْمُ الَّذِي فِيهِ رَاحَةُ الْبَدَنِ وَالرُّوحِ مَعًا، {وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً} أَيْ يَنْتَشِرُ النَّاسُ فيه لمعايشهم ومكاسبهم وأسبابهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute