للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- ٣٣ - قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ

- ٣٤ - وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ معي ردء يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ إِنْ يُكَذِّبُونِ

- ٣٥ - قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ

لَمَّا أمره الله تعالى بالذهاب إلى فرعون {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً} يَعْنِي ذَلِكَ الْقِبْطِيَّ، {فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ} أَيْ إِذَا رَأَوْنِي، {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً} وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِي لِسَانِهِ لَثْغَةٌ بِسَبَبِ مَا كَانَ تَنَاوَلَ تِلْكَ الجمرة، فَحَصَلَ فِيهِ شِدَّةٌ فِي التَّعْبِيرِ، وَلِهَذَا قَالَ: {واحلل عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يفقهوا قولي} {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً} أَيْ وَزِيرًا وَمُعِينًا وَمُقَوِّيا لِأَمْرِي، يَصَدِّقُنِي فِيمَا أَقُولُهُ وَأُخْبِرُ بِهِ عَنِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، لأن خبر الاثنين أنجع في النفوس من خبر الواحد، وَلِهَذَا قَالَ: {إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ}، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: {رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} أَيْ يُبَيِّنُ لهم ما أكملهم به فإنه يفهم عني ما لا يعلمون، فلما سأل ذلك موسى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} أَيْ سَنُقَوِّي أَمْرَكَ وَنُعِزُّ جَانِبَكَ بِأَخِيكَ، الَّذِي سَأَلْتَ لَهُ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا مَعَكَ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا موسى}. وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَيْسَ أَحَدٌ أَعْظَمَ مِنَّةً عَلَى أَخِيهِ مِنْ (مُوسَى) عَلَى (هَارُونَ) عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَإِنَّهُ شُفِّعَ فِيهِ حَتَّى جَعَلَهُ الله نبياً ورسولاً، ولهذا قال تَعَالَى فِي حَقِّ مُوسَى {وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً}، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً} أَيْ حُجَّةً قَاهِرَةً {فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ} أَيْ لَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى الْوُصُولِ إِلَى أَذَاكُمَا بِسَبَبِ إبلاغكما آيات اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يِا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ من ربك - إلى قوله - والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس}، وَلِهَذَا أَخْبَرَهُمَا أَنَّ الْعَاقِبَةَ لَهُمَا وَلِمَنِ اتَّبَعَهُمَا في الدنيا والآخرة فقال تعالى: {أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ}، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الحياة الدنيا} إلى آخر الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>