بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
- ١ - الم
- ٢ - أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ
- ٣ - وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ
- ٤ - أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ
أَمَّا الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ في أول سورة البقرة، وقوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يفتنون} (أخرج ابن أبي حاتم: أن {آلم أحسب ... } نزلت في أناس كانوا بمكة، أقروا بالإسلام فكتب إليهم أصحاب الرسول عليه السلام بالمدينة أن لا يقبل منهم حتى يهاجروا، فخرجوا إلى المدينة فردهم المشركون، وأخرج ابن سعد: أنها نزلت في عمار بن ياسر إذ كان يعذب في الله، كما في اللباب) اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا بُدَّ أَنْ يَبْتَلِيَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، بِحَسْبِ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، «أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلَابَةٌ زِيدَ له فِي الْبَلَاءِ» وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الذين مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصابرين}، وَقَالَ فِي الْبَقَرَةِ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}، ولهذا قال ههنا: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} أَيِ الَّذِينَ صَدَقُوا في دعوى الإِيمان، مِمَّنْ هُوَ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ وَدَعْوَاهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَعْلَمُ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ وَمَا لَمْ يكن كَيْفَ يَكُونُ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَئِمَّةِ السنة والجماعة، وبهذا يقول ابن عباس وغيره في مثل قوله: {إِلَاّ لنعلم} إلاّ لنرى، وذلك لأن الرُّؤْيَةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَوْجُودِ وَالْعِلْمُ أَعَمُّ مِنَ الرؤية فإنه يتعلق بالمعدوم والموجود، وقوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الذين يعلون السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ} أَيْ لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِيمَانِ أَنَّهُمْ يَتَخَلَّصُونَ مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ وَالِامْتِحَانِ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِمْ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَالنَّكَالِ مَا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute