- ١٠ - وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إنا كنا معكم أَوَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ
- ١١ - وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ
يَقُولُ تَعَالَى مخبراً عن صفات المكذبين، الذين يدعون الإِيمان بألسنتم وَلَمْ يَثْبُتِ الإِيمان فِي قُلُوبِهِمْ، بِأَنَّهُمْ إِذَا جاءتهم محنة وفتنة فِي الدُّنْيَا، اعْتَقَدُوا أَنَّ هَذَا مِنْ نِقْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ فَارْتَدُّوا عَنِ الإِسلام، وَلِهَذَا قال تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي فِتْنَتَهُ أَنْ يَرْتَدَّ عَنْ دِينِهِ إِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ - إلى قوله - ذلك هُوَ الضلال البعيد}، ثم قال عزَّ وجلَّ: {وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} أَيْ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ قَرِيبٌ مِنْ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ وَفَتْحٌ وَمَغَانِمُ، لَيَقُولُنَّ هؤلاء لكم إنا كنا معكم أي إِخْوَانَكُمْ فِي الدِّينِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ الله قالوا أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ} الآية، وقوله تعالىمخبراً عنهم ههنا: {وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كنا معكم}، ثم قال الله تعالى: {أوليس الله بأعلم فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} أَيْ أَوَلَيِسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ، وَمَا تُكِنُّهُ ضَمَائِرُهُمْ، وَإِنْ أظهروا لكم الموافقة؟ وقوله تعالى: {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} أَيْ وليختبرن الله الناس بالضراء والسراء، ليتميز من يطيع الله في الضراء والسراء، ومن يُطِيعُهُ فِي حَظِّ نَفْسِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أخبارهم}.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute