الأشياء: السماوات وما فيها من الكواكب المنيرة، وَالْأَرَضِينَ وَمَا فِيهَا مِنْ مِهَادٍ وَجِبَالٍ، وَأَوْدِيَةٍ وبراري وَقِفَارٍ، وَأَشْجَارٍ وَأَنْهَارٍ، وَثِمَارٍ وَبِحَارٍ، كُلُّ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى حُدُوثِهَا فِي أَنْفُسِهَا، وَعَلَى وُجُودِ صَانِعِهَا الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ، الَّذِي يَقُولُ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ، وَلِهَذَا قَالَ: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ}، كقوله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عليه}، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ سِيرُواْ فِي الْأَرْضِ فانظروا كَيْفَ بَدَأَ الخلق ثُمَّ الله يُنشِىءُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وَهَذَا الْمَقَامُ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُ الحق}، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ؟ * أَمْ خَلَقُواْ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَاّ يوقنون}، وقوله تَعَالَى: {يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ} أَيْ هُوَ الْحَاكِمُ الْمُتَصَرِّفُ الَّذِي يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، فَلَهُ الخلق والأمر لِأَنَّهُ الْمَالِكُ الَّذِي لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، كما جاء في الحديث: «إِنَّ اللَّهَ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لهم» (أخرجه أصحاب السنن)، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وإليه تقبلون} أي ترجعون يوم القيامة، وقوله تعالى: {وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} أَيْ لَا يُعْجِزُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضِهِ، بَلْ هُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، فكل شَيْءٍ خَائِفٌ مِنْهُ فَقِيرٌ إِلَيْهِ وَهُوَ الْغَنِيُّ عَمَّا سِوَاهُ {وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ * وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَآئِهِ} أَيْ جَحَدُوهَا وَكَفَرُوا بِالْمَعَادِ، {أُولَئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي} أَيْ لَا نَصِيبَ لَهُمْ فِيهَا، {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أَيْ مُوجِعٌ شديد فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute