هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ مُجَازَاةً لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم عَلَى حُسْنِ صَنِيعِهِنَّ، فِي اخْتِيَارِهِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، لَمَّا خَيَّرَهُنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تقدم، فَلَمَّا اخْتَرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان جزاؤهن أن الله تعالى قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِنَّ أو يستبدل بهن أزواجاً غيرهن، ثم إنه تعالى رفع عنه الحرج في ذلك وَأَبَاحَ لَهُ التَّزَوُّجَ، وَلَكِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ بعد ذلك تزوج، لتكون المنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليهن، روي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أحل الله له النساء (أخرجه أحمد والترمذي والنسائي). وروى ابن أبي حاتم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حتى أحل لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنَ النِّسَاءِ مَا شَاءَ إلاّ ذات محرم، وذلك قول الله تعالى:{تُرْجِي مَن تشاء منهن}(أخرجه ابن أبي حاتم) فَجُعِلَتْ هَذِهِ نَاسِخَةً لِلَّتِي بَعْدَهَا فِي التِّلَاوَةِ كَآيَتِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي الْبَقَرَةِ، الْأُولَى نَاسِخَةٌ لِلَّتِي بَعْدَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى الْآيَةِ {لَاّ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ} أي من بعدما ذَكَرْنَا لَكَ مِنْ صِفَةِ النِّسَاءِ، اللَّاتِي أَحْلَلْنَا لَكَ مِنْ نِسَائِكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ، وَبَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّاتِ، وَالْخَالِ وَالْخَالَاتِ، وَالْوَاهِبَةِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ النِّسَاءِ فلا يحل لَّكَ.
قال ابن جرير عن زياد عن رَجُلٍ مَنَّ الْأَنْصَارِ قَالَ، قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَزْوَاجَ