تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى الله المصير
نهى تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُوَالُوا الْكَافِرِينَ، وَأَنْ يَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ يُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ مِن دُونِ المؤمنين، ثم توعدهم على ذلك فقال تعالى: {وَمَن يَفْعَلْ ذلك ليس من الله في شَيْءٍ} أي ومن يرتكب نهي الله من هذا فقد برىء مِنَ اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ - إِلَى أَنْ قَالَ - وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ}، وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سلطاناً مبيناً}، وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ، وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} الآية. وقوله تعالى: {إِلَاّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً}، أَيْ إِلَّا من خاف في بعض البلدان والأوقات مِنْ شَرِّهِمْ، فَلَهُ أَنْ يَتَّقِيَهُمْ بِظَاهِرِهِ لَا بباطنه ونيته، كما قال الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَقُلُوبُنَا تَلْعَنُهُمْ». وَقَالَ الثوري، قال ابن عباس: ليس التقية بالعمل إنما التقية باللسان، ويؤيده قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان} الآية. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} أَيْ يحذركم نقمته في مخالفته وسطوته، وعذابه والى أعدءه وَعَادَى أَوْلِيَاءَهُ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَإِلَى اللَّهِ المصير} أي إليه المرجع والمنقلب ليجازى كل عامل بعمله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute