عَذَابَهُمْ فِي قُبُورِهِمْ، لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا بعده في الشدة كالرقاد، قال أبي بن كعب ومجاهد والحسن: يَنَامُونَ نَوْمَةً قَبْلَ الْبَعْثِ، قَالَ قَتَادَةُ: وَذَلِكَ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ، فَلِذَلِكَ يَقُولُونَ: {مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} فإذا قالوا ذلك أجابهم المؤمنون: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} وَقَالَ الحسن: إنما يجيبهم بذلك الملائكة (قال ابن كثير: ولا منافاة بين القولين إذ الجمع ممكن والقول الأول قاله غير واحد من السلف والله أعلم)؛ وقال عبد الرحمن بن زيد: الْجَمِيعُ مِنْ قَوْلِ الْكُفَّارِ {يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا؟ هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} نَقَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ وهو أصح، وذلك كقوله تبارك وتعالى في الصافات: {قالوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ * هَذَا يَوْمُ الفصل الذي كُنتُمْ بِهِ تكذبون}، وقوله تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلَاّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ}، كقوله عزَّ وجلَّ: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ واحدة فإذا هو بالساهرة}، وقال جلَّت عظمته: {وَمَآ أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ}، وقال جل جلاله {يوم يدعوكم فتسجيبون بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَاّ قَلِيلاً أَيْ إِنَّمَا نَأْمُرُهُمْ أَمْرًا وَاحِدًا فَإِذَا الْجَمِيعُ مُحْضِرُونَ، {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} أَيْ مِنْ عَمَلِهَا {وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَاّ مَا كُنْتُمْ تعملون}.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute