للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِمُعَذَّبِينَ}؟ قيل: لَا، قَالُوا: {إنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. وقوله جل جلاله: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} قَالَ قَتَادَةُ هَذَا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: لِمِثْلِ هَذَا النَّعِيمِ وَهَذَا الْفَوْزِ فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ فِي الدنيا ليصيروا إليه في الآخرة.

قال السدي: كَانَ شَرِيكَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَحَدُهُمَا مُؤْمِنٌ وَالْآخَرُ كَافِرٌ، فَافْتَرَقَا عَلَى سِتَّةِ آلَافِ دِينَارٍ، لكل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار، ثم افترقا فَمَكَثَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَا، ثُمَّ الْتَقَيَا، فَقَالَ الْكَافِرُ لِلْمُؤْمِنِ: مَا صَنَعْتَ فِي مَالِكَ؟ أَضَرَبْتَ بِهِ شَيْئًا، أَتَّجَرْتَ بِهِ فِي شيء؟ قال لَهُ الْمُؤْمِنُ: لَا، فَمَا صَنَعْتَ أَنْتَ؟ فَقَالَ اشتريت به أرضاً ونخلاً وثمارا وأنهارا بالف دينار - قَالَ - فَقَالَ لَهُ الْمُؤْمِنُ: أَوَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَرَجَعَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى إِذَا كَانَ الليل صلى ما شاء الله تعالى أَنْ يُصَلِّيَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخَذَ أَلْفَ دِينَارٍ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانًا - يَعْنِي شَرِيكَهُ الْكَافِرَ - اشْتَرَى أَرْضًا وَنَخْلًا وَثِمَارًا وَأَنْهَارًا بِأَلْفِ دِينَارٍ ثُمَّ يَمُوتُ غَدًا وَيَتْرُكُهَا. اللَّهُمَّ إِنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْكَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ دِينَارٍ أَرْضًا وَنَخْلًا وَثِمَارًا وَأَنْهَارًا فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحَ فَقَسَمَهَا فِي

الْمَسَاكِينِ، قَالَ: ثُمَّ مَكَثَا مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَمْكُثَا، ثُمَّ الْتَقَيَا، فَقَالَ الْكَافِرُ لِلْمُؤْمِنِ: مَا صَنَعْتَ فِي مَالِكَ أَضَرَبْتَ بِهِ فِي شَيْءٍ؟ أتجرت به في شيء؟ قال: لا، قال: فَمَا صَنَعْتَ أَنْتَ؟ قَالَ: كَانَتْ ضَيْعَتِي قَدِ اشْتَدَّ عليَّ مُؤْنَتُهَا، فَاشْتَرَيْتُ رَقِيقًا بِأَلْفِ دِينَارٍ، يقومون لي فِيهَا وَيَعْمَلُونَ لِي فِيهَا، فَقَالَ لَهُ الْمُؤْمِنُ: أَوَفَعَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَرَجَعَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ تعالى أَنْ يُصَلِّيَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخَذَ أَلْفَ دِينَارٍ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانًا - يَعْنِي شَرِيكَهُ الْكَافِرُ - اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْ رقيق الدنيا بألف دينار يموت غداً فيتركهم أو يموتون فيتركونه، اللَّهُمَّ إِنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْكَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ دِينَارٍ رقيقاً فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحَ، فَقَسَمَهَا فِي الْمَسَاكِينِ قَالَ: ثُمَّ مَكَثَا مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَمْكُثَا، ثُمَّ الْتَقَيَا، فَقَالَ الْكَافِرُ لِلْمُؤْمِنِ: مَا صَنَعْتَ فِي مَالِكَ أَضَرَبْتَ بِهِ فِي شَيْءٍ، أَتَّجَرْتَ بِهِ فِي شَيْءٍ؟ قَالَ: لا، فما صنعت أنت؟ قال: كان أَمْرِي كُلُّهُ قَدْ تَمَّ إِلَّا شَيْئًا وَاحِدًا، فُلَانَةٌ قَدْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَأَصْدَقْتُهَا أَلْفَ دِينَارٍ، فَجَاءَتْنِي بِهَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا، فَقَالَ لَهُ الْمُؤْمِنُ: أَوَفَعَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ، فَرَجَعَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ صَلَّى مَا شَاءَ الله تعالى أن يصلي، فلما انصرف أخذ الألف دينار الباقية فوضعها بين يدي، وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ فُلَانًا - يَعْنِي شَرِيكَهُ الْكَافِرَ - تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار، فيموت غداً فيتركها أو تموت غداً فَتَتْرُكُهُ، اللَّهُمَّ وَإِنِّي أَخْطُبُ إِلَيْكَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ دينار حوراء عيناء في الجنة - قال - ثُمَّ أَصْبَحَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْمَسَاكِينِ - قَالَ - فَبَقِيَ المؤمن ليس عنده شيء، فَخَرَجَ شَرِيكُهُ الْكَافِرُ وَهُوَ رَاكِبٌ، فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَصَافَحَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَلَمْ تَأْخُذْ مِنَ الْمَالِ مِثْلَ ما آخذت؟ قال: بلى، قال: وَهَذِهِ حَالِي وَهَذِهِ حَالُكَ؟ قَالَ: أَخْبِرْنِي مَا صَنَعْتَ فِي مَالِكَ؟ قَالَ: أَقْرَضْتُهُ، قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: الْمَلِيءَ الْوَفِيَّ، قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: اللَّهَ ربي، قال، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: {أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ}؟ قَالَ السُّدِّيُّ: مُحَاسَبُونَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ الكافر وتركه، فلما رآه المؤمن وليس يلوي عليه رجع وتركه وجعل يَعِيشُ الْمُؤْمِنُ فِي شِدَّةٍ مِنَ الزَّمَانِ، وَيَعِيشُ الْكَافِرُ فِي رَخَاءٍ مِنَ الزَّمَانِ، قَالَ: فَإِذَا كان يوم القيامة وأدخل الله تعالى الْمُؤْمِنَ الْجَنَّةَ، يَمُرُّ فَإِذَا هُوَ بِأَرْضٍ وَنَخْلٍ وَثِمَارٍ وَأَنْهَارٍ فَيَقُولُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ: هَذَا لك، فيقول: يا سبحان الله، أو بلغ مِنْ فَضْلِ عَمَلِي أَنْ أُثَابَ بِمِثْلِ هَذَا؟ قَالَ، ثُمَّ يَمُرُّ، فَإِذَا هُوَ بِرَقِيقٍ لَا تُحْصَى عِدَّتُهُمْ، فَيَقُولُ: لِمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>