للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي شُرْبَ الحميم على الزقوم، وعنه {شَوْباً مِنْ حَمِيمٍ} مَزْجًا مِنْ حَمِيمٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَعْنِي يَمْزُجُ لَهُمُ الْحَمِيمَ بِصَدِيدٍ وَغَسَّاقٍ، مما يسيل من فروجهم وعيونهم، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «يُقَرَّبُ - يَعْنِي إِلَى أَهْلِ النَّارِ - مَاءٌ فَيَتَكَرَّهُهُ، فَإِذَا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ، وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِهِ فِيهِ، فَإِذَا شَرِبَهُ قطع أمعاءه، حتى تخرج من دبره» (أخرجه ابن أبي حاتم)، وروى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «إِذَا جَاعَ أَهْلُ النَّارِ اسْتَغَاثُوا بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ، فَأَكَلُوا مِنْهَا فَاخْتَلَسَتْ جُلُودَ وُجُوهِهِمْ، فَلَوْ أَنَّ ماراً قد مر بهم يعرفهم لعرفهم بوجوههم فِيهَا، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْهِمُ الْعَطَشَ، فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ، وَهُوَ الَّذِي قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ، فَإِذَا أَدْنَوْهُ مِنْ أَفْوَاهِهِمُ اشْتَوَى مِنْ حَرِّهِ لحوم ووجوههم، التي سَقَطَتْ عَنْهَا الْجُلُودُ وَيُصْهَرُ مَا فِي بُطُونِهِمْ، فَيَمْشُونَ تَسِيلُ أَمْعَاؤُهُمْ، وَتَتَسَاقَطُ جُلُودُهُمْ ثُمَّ يُضْرَبُونَ بِمَقَامِعَ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَسْقُطُ كُلُّ عُضْوٍ عَلَى حياله يدعون بالثبور» (هذا حديث موقوف أخرجه ابن أبي حاتم)، وقوله عزَّ وجلَّ: {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ} أَيْ ثُمَّ إِنَّ مَرَدَّهُمْ بَعْدَ هَذَا الْفَصْلِ لَإِلَى نَارٍ تتأجج، وجحيم تتوقد، وسعير تتوهج، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} هَكَذَا تَلَا قَتَادَةُ هَذِهِ الْآيَةَ عِنْدَ هَذِهِ الآية، وهو تفسير حسن قوي، وكان عبد الله (المراد به ابن مسعود رضي الله عنه وهي رواية السدي عنه) رضي الله عنه يَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَنْتَصِفُ النَّهَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَقِيلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ. ثُمَّ قَرَأَ: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}. وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ} أي إنما جازيناه بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ وَجَدُوا آبَاءَهُمْ عَلَى الضَّلَالَةِ، فَاتَّبَعُوهُمْ فِيهَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} قال مجاهد: شبَّهة بِالْهَرْوَلَةِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يُسَفَّهُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>