للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا، وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا" الْحَدِيثَ، {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} أَيْ نَصْطَفُّ فَنُسَبِّحُ الرَّبَّ وَنُمَجِّدُهُ وَنُقَدِّسُهُ وَنُنَزِّهُهُ عَنِ النقائض، فَنَحْنُ عَبِيدٌ لَهُ فُقَرَاءُ إِلَيْهِ خَاضِعُونَ لَدَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: {وَمَا مِنَّآ إِلَاّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} الْمَلَائِكَةُ، {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} الملائكة، {وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون} الملائكة تسبح اللَّهَ عزَّ وجلَّ، وَقَالَ قَتَادَةُ: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} يَعْنِي الْمُصَلُّونَ يَثْبُتُونَ بِمَكَانِهِمْ مِنَ الْعِبَادَةِ (الصحيح أن المراد به الملائكة وهو قول ابن عباس ومجاهد.). وقوله جلَّ وعلا: {وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}، أَيْ قَدْ كَانُوا يَتَمَنَّوْنَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ يَا مُحَمَّدُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ مَنْ يُذَكِّرُهُمْ بِأَمْرِ الله، وَمَا كَانَ من القرون الأولى ويأيتهم بكتاب الله كما قال جلَّ جلاله: {وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَاّ نفوراً}، وقال تَعَالَى: {إِنَّ تَقُولُوا إِنَّمَآ أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ} ولهذا قال تعالى ههنا: {فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} وَعِيدٌ أَكِيدٌ وَتَهْدِيدٌ شديد، على كفرهم بربهم عزَّ وجلَّ وتكذبيهم لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>