اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، فَقَامُوا فَزِعِينَ يَنْفُضُونَ ثِيَابَهُمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِداً! إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} ونزلت من هذا الموضع إلى قوله: {بَلْ لَّمَّا يَذُوقُواْ عذاب}(أخرجه ابن جرير ورواه أحمد والنسائي والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما).
وَقَوْلُهُمْ:{مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِى الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} أَيْ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا الَّذِي يَدْعُونَا إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ مِنَ التَّوْحِيدِ فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ، قَالَ مجاهد وقتادة: يعنون دين قريش، وقال السدي: يعنون النصرانية، وقال ابْنِ عَبَّاسٍ:{مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِى الْمِلَّةِ الآخرة} يعني دين النَّصْرَانِيَّةَ، قَالُوا: لَوْ كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ حَقًّا لأخبرتنا بِهِ النَّصَارَى {إِنْ هَذَا إِلَاّ اخْتِلَاقٌ} قَالَ مجاهد: كذب، وقال ابن عباس: تخرص، وقولهم:{أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا} يَعْنِي أَنَّهُمْ يَسْتَبْعِدُونَ تخصيصه بإنزال القرآن عليه من بينهم كما قال فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ}، وَلِهَذَا لَمَّا قَالُوا هَذَا الَّذِي دَلَّ عَلَى جَهْلِهِمْ وَقِلَّةِ عَقْلِهِمْ، فِي اسْتِبْعَادِهِمْ إِنْزَالَ الْقُرْآنِ عَلَى الرَّسُولِ مِنْ بَيْنِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{بَل لَّما يَذُوقُواْ عَذَابِ} أَيْ إِنَّمَا يَقُولُونَ هذا، لأنهم ما ذاقوا عذاب الله تعالى ونقمته، وسيعلمون غِبَّ ما قالوا وما كذبوا به.