للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- ٣٤ - وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ

- ٣٥ - قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَاّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ

- ٣٦ - فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ

- ٣٧ - وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ

- ٣٨ - وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ

- ٣٩ - هَذَا عَطَآؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ

- ٤٠ - وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ

يَقُولُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} أَيِ اخْتَبَرْنَاهُ بِأَنْ سَلَبْنَاهُ الْمُلْكَ، {وَأَلْقَيْنَا على كرسيه جسداً} (رويت عدة روايات مطولة عن موضوع (فتنة سليمان) وكلها إسرائيليات، ومن أغربها وأنكرها ما رواه ابن أبي حاتم إن سليمان عليه السلام أراد أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ فَأَعْطَى الْجَرَادَةَ خَاتَمَهُ وَكَانَتِ أحب نسائه إليه، فجاءها الشيطان بصورة سليمان فقال لها: هاتي خاتمي، فظنته سليمان فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا لَبِسَهُ دَانَتْ لَهُ الْإِنْسُ والجن والشياطين .. وكل هذه القصص لا تصح لأنها من الإسرائيليات وقد ذكرها ابن كثير وبيّن غرابتها ونكارتها، ولذلك ضربنا صفحاً عنها). وقال ابن عباس والحسن وقتادة: يَعْنِي شَيْطَانًا، {ثُمَّ أَنَابَ} أَيْ رَجَعَ إِلَى مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ وَأُبَّهَتِهِ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَكَانَ اسم ذلك الشيطان صخراً، وقيل: آصف، {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَاّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِي أَيْ لَا يَصْلُحُ لِأَحَدٍ أَنْ يسلبنيه بعدي، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ سَأَلَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مُلْكًا لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ مِنَ الْبَشَرِ مِثْلُهُ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ مِنَ الْآيَةِ، وبذلك وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْبُخَارِيُّ عند تفسير هذه الآية، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عليَّ الْبَارِحَةَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ تبارك وتعالى مِنْهُ، وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فذكرت قول أخي سليمان عليه الصلاة والسلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي} " قَالَ رَوْحٌ: فَرَدَّهُ خاسئاً. وروى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، ثُمَّ قَالَ، أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ» ثَلَاثًا، وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قُلْنَا: يا رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>