للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- ٣٢ - فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ

- ٣٣ - وَالَّذِي جَآءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ المتقون

- ٣٤ - لهم ما يشاؤون عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ الْمُحْسِنِينَ

- ٣٥ - لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الذي عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الذي كَانُواْ يَعْمَلُونَ

يقول عزَّ وجلَّ مُخَاطِبًا لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ، وَجَعَلُوا مَعَهُ آلِهَةً أُخرى، وَادَّعَوْا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ، وَجَعَلُوا لِلَّهِ وَلَدًا - تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قولهم علواً كبيراً - ومع هذا فقد كَذَّبُوا بِالْحَقِّ إِذْ جَاءَهُمْ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَلِهَذَا قال الله عزَّ وجلَّ: {فَمَن أَظْلَمُ مِمَّنِ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ} أَيْ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ طَرَفَيِ الْبَاطِلِ: كذب على الله، وكذّب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الباطل، ورد الحق، ولهذا قال جلت عظمته مُتَوَعِّدًا لَهُمْ: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ}؟ وهم الجاحدون المكذبون، ثم قال جلَّ وعلا {وَالَّذِي جَآءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}، قَالَ مُجَاهِدٌ وقتادة: {الذي جَآءَ بالصدق} هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، {وَصَدَّقَ بِهِ} يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال ابن عباس: مَنْ جَاءَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ {وَصَدَّقَ بِهِ} يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقيل: أَصْحَابُ الْقُرْآنِ الْمُؤْمِنُونَ يَجِيئُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ: هَذَا مَا أَعْطَيْتُمُونَا فَعَمِلْنَا فِيهِ بِمَا أَمَرْتُمُونَا، وهذا القول (وهو رواية ليث عن مجاهد وهو اختيار ابن كثير) يشمل كل المؤمنين، فإن المؤمنين يقولون الحق ويعملون به، والرسول صلى الله عليه وسلم أول الناس بالدخول في هذه الآية، فَإِنَّهُ جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ، وَآمَنَ بِمَا أنزل إليه من ربه، وقال ابن زيد: {وَالَّذِي جَآءَ بِالصِّدْقِ} هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَصَدَّقَ بِهِ} قال الْمُسْلِمُونَ {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اتقوا الشرك {لهم ما يشاؤون عِندَ رَبِّهِمْ} يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ، مَهْمَا طَلَبُوا وَجَدُوا {ذَلِكَ جَزَآءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ} كما قال عزَّ وجلَّ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>