للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- ٤ - مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَاّ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ

- ٥ - كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ

- ٦ - وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ

يَقُولُ تَعَالَى: مَا يَدْفَعُ الْحَقَّ ويجادل فيه بعد البيان وظهرو الْبُرْهَانِ {إِلَاّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} أَيِ الْجَاحِدُونَ لِآيَاتِ اللَّهِ وَحُجَجِهِ وَبَرَاهِينِهِ، {فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ} أَيْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَنَعِيمِهَا وَزَهْرَتِهَا، كَمَا قال جلَّ وعلا: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}، وقال عزَّ وجلَّ: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَهُ مِنْ قَوْمِهِ، بِأَنَّ لَهُ أُسْوَةَ مَنْ سَلَفَ من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فَإِنَّهُ قَدْ كَذَّبَهُمْ أُمَمُهُمْ وَخَالَفُوهُمْ وَمَا آمَنَ بِهِمْ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ، فَقَالَ: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} وَهُوَ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ يَنْهَى عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ {وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِم} أَيْ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ، {وهمَّت كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} أَيْ حَرَصُوا عَلَى قَتْلِهِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ رَسُولَهُ {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق} أي ما حلوا بالشبهة ليردوا الحق الواضح الجلي، روى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ أَعَانَ باطلاً ليدحض به حقاً فقد برئت منه ذمة الله تعالى، وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم» (أخرجه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما). وقوله جلت عظمته {فَأَخَذْتُهُمْ} أَيْ أَهْلَكَتْهُمْ عَلَى مَا صَنَعُوا مِنْ هَذِهِ الْآثَامِ وَالذُّنُوبِ الْعِظَامِ، {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} أَيْ فَكَيْفَ بَلَغَكَ عَذَابِي لَهُمْ وَنَكَالِي بِهِمْ لقد كَانَ شَدِيدًا مُوجِعًا مُؤْلِمًا؟ قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ شديداً والله. وقوله جلَّ جلاله: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} أَيْ كَمَا حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ، كَذَلِكَ حَقَّتْ عَلَى الْمُكَذِّبِينَ مَن هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كذبوك وخالفوك يا محمد، بطريق الأولى، لِأَنَّ مَنْ كَذَّبَكَ فَلَا وُثُوقَ لَهُ بِتَصْدِيقِ غيرك، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>