- ٦ - قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ
- ٧ - الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
- ٨ - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
يَقُولُ تَعَالَى: {قُلْ} يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ الْمُشْرِكِينَ {إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَهُكُمْ إله وَاحِدٌ} لا ما تَعْبُدُونَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ وَالْأَرْبَابِ الْمُتَفَرِّقِينَ، إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ} أَيْ أَخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَةَ عَلَى مِنْوَالِ مَا أَمَرَكُمْ بِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ، {وَاسْتَغْفِرُوهُ} أَيْ لِسَالِفِ الذُّنُوبِ، {وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ} أَيْ دَمَارٌ لَهُمْ وَهَلَاكٌ عَلَيْهِمْ {الذين لَا يُؤْتُونَ الزكاة} قال ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ أَنْ لا إله إلا الله، كقوله تبارك وتعالى: {فَقُلْ هَل لَّكَ إلى أن تزكى} والمراد بالزكاة هنا طَهَارَةُ النَّفْسِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ، وَمِنْ أَهَمِّ ذَلِكَ طَهَارَةُ النَّفْسِ مِنَ الشِّرْكِ، وَزَكَاةُ الْمَالِ إِنَّمَا سُمِّيَتْ زَكَاةً، لِأَنَّهَا تُطَهِّرُهُ مِنَ الْحَرَامِ، وتكون سبباً لزيادته وبركته وكثرة نفعه، واستعماله فِي الطَّاعَاتِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: {وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزكاة}: أي لا يؤدون الزَّكَاةِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: يَمْنَعُونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَاخْتَارَهُ ابن جرير، ثم قال جلَّ جلاله بَعْدَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: غير مقطوع ولا مجبوب، كقوله تعالى: {ماكثين فيها أبداً}، وكقوله عزَّ وجلَّ: {عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} وَقَالَ السُّدي: غَيْرَ مَمْنُونٍ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ رَدَّ عليه بعض الأئمة، فإن المنة لله تعالى عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ}، وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السموم}، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute