يَقُولُ تَعَالَى:{قُلْ} يَا مُحَمَّدُ {إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ ولدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أَيْ لَوْ فُرِضَ هذا لعبدته على ذلك، لأني مِنْ عَبِيدِهِ مُطِيعٌ لِجَمِيعِ مَا يَأْمُرُنِي بِهِ، لَيْسَ عِنْدِي اسْتِكْبَارٌ وَلَا إِبَاءٌ عَنْ عِبَادَتِهِ، فلو فرض هذا لكان هَذَا، وَلَكِنْ هَذَا مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّهِ تَعَالَى، والشرط لا يلزم منه الوقوع ولا الجوار أيضاً، كما قال عزَّ وجلَّ:{لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الواحد القهار}، وقال بعض المفسرين في قوله تعالى:{فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} أي الآنفين، وقال ابن عباس {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الشَّاهِدِينَ، وَقَالَ قتادة: هي كلمة من كلام العرب أَيْ إِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَنْبَغِي، وقال أبو صخر {فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أَيْ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ عَبَدَهُ بِأَنْ لَا وَلَدَ لَهُ، وَأَوَّلُ مَنْ وحده، وقال مجاهد: أي أول من عبده وحده وَكَذَّبَكُمْ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ {فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} الْآنِفِينَ وَهُمَا لُغَتَانِ: رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبِدٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ على شرط وجزاء ولكن هو ممتنع (قال البيضاوي: لا يلزم منه صحة وجود الولد وعبادته له، بل المراد نفيهما على أبلغ الوجوه، وإنكاره للولد ليس لعناد ومراء، بل لو كان أولى الناس بالاعتراف به، فإن النبي يكون أعلم بالله وبما يصح له وما لا يصح. انتهى وهو قول جيد)، وقال السدي: معناه ولو كَانَ لَهُ وَلَدٌ كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ عَبَدَهُ بأن له ولداً، ولكن لَا وَلَدَ لَهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، ولهذا قال تعالى:{سُبْحَانَ رَبُّ السماوات وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}