للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

شَيْئاً وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

- ١١ - هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ

يقول تعالى {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} يَعْنِي الْقُرْآنَ بِمَا فِيهِ مِنَ الْحُجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} أَيْ مُتَضَمِّنَةً الْحَقَّ مِنَ الْحَقِّ، فَإِذَا كَانُوا لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَلَا يَنْقَادُونَ لَهَا {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ الله وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ}؟ ثم قال تعالى {ويل لكل أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} أفاك في قوله أي كذاب {أَثِيمٍ} في فعله وقلبه كَافِرٍ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَلِهَذَا قَالَ {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ} أَيْ تُقْرَأُ عَلَيْهِ {ثُمَّ يُصِرُّ} أَيْ عَلَى كُفْرِهِ وَجُحُودِهِ، اسْتِكْبَارًا وَعِنَادًا {كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا} كَأَنَّهُ مَا سَمِعَهَا {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} أَيْ فأخبره أن له عند الله تعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابًا أَلِيمًا مُوجِعًا، {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً} أَيْ إِذَا حَفِظَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ كَفَرَ بِهِ، وَاتَّخَذَهُ سُخْرِيًّا وَهُزُوًا {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} أَيْ فِي مُقَابَلَةِ مَا اسْتَهَانَ بِالْقُرْآنِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ، ولهذا «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أن يناله العدو» (رواه مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما)، ثُمَّ فَسَّرَ الْعَذَابَ الْحَاصِلَ لَهُ يَوْمَ مَعَادِهِ فَقَالَ {مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ} أَيْ كُلُّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ سَيَصِيرُونَ إِلَى

جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً} أَيْ لَا تَنْفَعُهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ، {وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَآءَ} أَيْ وَلَا تُغْنِي عَنْهُمُ الْآلِهَةُ الَّتِي عَبَدُوهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ شَيْئًا {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، ثُمَّ قَالَ تبارك وتعالى: {هَذَا هُدًى} يَعْنِي الْقُرْآنَ {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ} وَهُوَ المؤلم الموجع، والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>