للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ إِلَاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ

- ٤٣ - وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّى حِينٍ

- ٤٤ - فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ

- ٤٥ - فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ

- ٤٦ - وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ

يقول تَعَالَى: {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} أَيْ بِدَلِيلٍ بَاهِرٍ وَحُجَّةٍ قَاطِعَةٍ، {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} أَيْ فَأَعْرَضَ فِرْعَوْنُ عَمَّا جَاءَهُ بِهِ موسى من الحق المبين استكباراً وعناداً، قال مُجَاهِدٌ: تَعَزَّزَ بِأَصْحَابِهِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: غَلَبَ عَدُوُّ اللَّهِ عَلَى قَوْمِهِ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} أَيْ بِجُمُوعِهِ الَّتِي مَعَهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إلى ركن شديد} والمعنى الأول قوي، {وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} أي لا يخلوا أَمْرُكَ فِيمَا جِئْتَنِي بِهِ، مِنْ أَنْ تَكُونَ سَاحِرًا أَوْ مَجْنُونًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ} أَيْ أَلْقَيْنَاهُمْ {فِي الْيَمِّ} وَهُوَ البحر، {وَهُوَ مُلِيمٌ} أي وهو ملوم جاحد، فاجر معاند. ثم قال عزَّ وجلَّ: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} أي المفسدة التي لا تنتج شَيْئاً ولهذا قال تعالى: {مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ} أَيْ مِمَّا تُفْسِدُهُ الرِّيحُ {إِلَاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} أَيْ كالشيء الهالك البالي، وقد ثبت في الصحيح: «نُصِرْتُ بالصَّبا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بالدَّبور» {وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّى حِينٍ} قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَعْنِي إِلَى وَقْتِ فَنَاءِ آجَالِكُمْ، والظاهر أن هذه كقوله تَعَالَى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ العذاب الهون}، وهكذا قال ههنا: {وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ} وَذَلِكَ أَنَّهُمُ انْتَظَرُوا الْعَذَابَ ثَلَاثَةَ أيام فجاءهم فِي صَبِيحَةِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ بُكْرَةَ النَّهَارِ، {فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ} أَيْ مِنْ هَرَبٍ وَلَا نهوض، {وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ} أي لا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يَنْتَصِرُوا مِمَّا هُمْ فِيهِ، وقوله عزَّ وجلَّ: {وَقَوْمَ نوح مِن قَبْلُ} أي أهلكنا قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلِ هَؤُلَاءِ {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ}، وَكُلُّ هَذِهِ الْقِصَصِ قَدْ تَقَدَّمَتْ مَبْسُوطَةً فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ مِنْ سُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>