بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
- ١ - ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
- ٢ - مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
- ٣ - وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ
- ٤ - وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عظيم
- ٥ - فستبصر ويبصرون
- ٦ - بأيكم الْمَفْتُونُ
- ٧ - إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حُرُوفِ الْهِجَاءِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ ههنا، وقيل: المراد بقوله {ن} حوت عظيم وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ {ن} لَوْحٌ مِنْ نُورٍ، وقيل: المراد بقوله {ن} الدواة، {والقلم} القلم، روي عَنِ الْحَسَنِ وقَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ {ن} قَالَا: هي الدواة، وقوله تعالى: {وَالْقَلَمِ} الظَّاهِرُ أَنَّهُ جِنْسُ الْقَلَمِ الَّذِي يُكْتَبُ به كقوله تعالى: {الَّذِي علَّم بِالْقَلَمِ * علَّم الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يعلم} فَهُوَ قَسَمٌ مِنْهُ تَعَالَى، وَتَنْبِيهٌ لِخَلْقِهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ، مِنْ تَعْلِيمِ الْكِتَابَةِ التي تنال بها الْعُلُومُ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَا يَسْطُرُونَ} قَالَ ابْنُ عباس: يعني وما يكتبون، وقال أبو الضحى عنه {وَمَا يَسْطُرُونَ} أَيْ وَمَا يَعْمَلُونَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ {وَمَا يَسْطُرُونَ} يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ وَمَا تَكْتُبُ مِنْ أعمال العباد، وقال آخرون: بل المراد ههنا بِالْقَلَمِ الَّذِي أَجْرَاهُ اللَّهُ بِالْقَدَرِ، حِينَ كَتَبَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ بخمسين ألف عام، روى ابن أبي حاتم عن الْوَلِيدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: دَعَانِي أَبِي حِينِ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ فَقَالَ: اُكتب، قال: يا رب وما أنا أكتب؟ قال اُكتب القدر وما هو كائن إلى الأبد" (أخرجه ابن أبي حاتم، ورواه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح غريب). وعن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يحدِّث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ الْقَلَمُ فَأَمَرَهُ فَكَتَبَ كل شيء» (رواه ابن جرير). وقال مُجَاهِدٍ {وَالْقَلَمِ} يَعْنِي الَّذِي كُتِبَ بِهِ الذِّكْرُ، وقوله تعالى: {وَمَا يَسْطُرُونَ} أَيْ يَكْتُبُونَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ تعالى: {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} أَيْ لَسْتَ ولله الحمد بمجنون، كما يَقُولُهُ الْجَهَلَةُ مَنْ قَوْمِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute