أن تؤلف كل شيعة إلى شيعتهم، يُقْرَنُ بَيْنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ مَعَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، وَيُقْرَنُ بَيْنَ الرَّجُلِ السُّوءِ مَعَ الرَّجُلِ السُّوءِ في النار، فذلك تزويج الأنفس (أخرجه ابن أبي حاتم)، وعن ابن عباس في قوله تعالى:{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} قَالَ: ذَلِكَ حِينَ يَكُونُ الناس أزواجاً ثلاثة، وقال مُجَاهِدٍ:{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} قَالَ: الْأَمْثَالُ مِنَ الناس جمع بينهم، واختاره ابن جرير، وقال الحسن البصري وعكرمة: زوجت الأرواح بِالْأَبْدَانِ، وَقِيلَ: زُوِّجَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْحُورِ الْعِينِ، وَزُوِّجَ الْكَافِرُونَ بِالشَّيَاطِينِ (حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ).
وَقَوْلُهُ تعالى:{وَإِذَا الموءُدة سُئِلَتْ * بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} الموءُدة هي التي كانت أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَدُسُّونَهَا فِي التُّرَابِ كَرَاهِيَةَ الْبَنَاتِ، فيوم القيامة تسأل الموءُدة عَلَى أَيِّ ذَنْبٍ قُتلت لِيَكُونَ ذَلِكَ تَهْدِيدًا لقاتلها، فإنه إذا سُئِلَ الْمَظْلُومُ فَمَا ظَنُّ الظَّالِمِ إِذًا؟ وَقَالَ ابن عباس:{وإذا الموءُدة سُئِلَتْ} أي سألت أي طالبت بدمها. وقد وردت أحاديث تتعلق بالموءُدة فقال الإمام أحمد عن جذامة بَنْتِ وَهْبٍ أُخْتِ عُكَّاشَةَ قَالَتْ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاسٍ وَهُوَ يَقُولُ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ، فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلَادَهُمْ، وَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا»، ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ الْعَزْلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ وهو الموءُدة سئلت»(أخرجه أحمد ورواه مسلم وأبو داود والترمذي بنحوه). وروى الإمام أحمد عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَخِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّنَا مُلَيْكَةَ كَانَتْ تَصِلُ الرَّحِمَ، وَتُقِرِّي الضَّيْفَ، وَتَفْعَلُ، هَلَكَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا؟ قَالَ:«لَا»، قُلْنَا: فَإِنَّهَا كَانَتْ وَأَدَتْ أُختاً لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شيئاً؟ قال:«الوائدة والموءُدة فِي النَّارِ، إِلَّا أَنْ يُدْرِكَ الْوَائِدَةَ الْإِسْلَامُ فيعفو الله عنها»(أخرجه أحمد والنسائي). وفي الحديث:«النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْلُودُ في الجنة، والموءُدة في الجنة»(أخرجه أحمد من حديث خنساء بنت مُعَاوِيَةَ الصَّرِيمِيَّةُ عَنْ عَمِّهَا قَالَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ فِي الجنة؟ فقال الحديث). وعن قُرَّةُ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: قِيلَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ مَن فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ:«الموءُدة في الجنة»(هذا مِنْ مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَهُ). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ فِي الْجَنَّةِ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ فَقَدْ كَذَبَ، يَقُولُ الله تعالى:{وَإِذَا الموءُدة سُئِلَتْ *