للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا يَصِيرُ الْأَبْرَارُ إِلَيْهِ مِنَ النَّعِيمِ، وَهُمُ الَّذِينَ أَطَاعُوا اللَّهَ عزَّ وجلَّ ولم يقابلوه بالمعاصي، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ الْفُجَّارُ مِنَ الْجَحِيمِ وَالْعَذَابِ الْمُقِيمِ، وَلِهَذَا قَالَ: {يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ} أَيْ يَوْمَ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ وَالْقِيَامَةِ، {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ} أَيْ لَا يَغِيبُونَ عَنِ الْعَذَابِ سَاعَةً وَاحِدَةً، وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا، وَلَا يُجَابُونَ إِلَى مَا يَسْأَلُونَ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الرَّاحَةِ وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا، وَقَوْلُهُ تعالى: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} تَعْظِيمٌ لشِأن يوم القيامة، ثم أكده بقوله تعالى: {ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} أي لا يقدر أحد عَلَى نَفْعِ أَحَدٍ وَلَا خَلَاصِهِ مِمَّا هُوَ فِيهِ، إِلَّا أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَآءُ ويرضى، وفي الحديث قال عليه السلام: «يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ لا أملك لكم من الله شيئاً»، ولهذا قال: {والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} كقوله تَعَالَى: {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ * لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} قَالَ قَتَادَةُ: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لنفسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} وَالْأَمْرُ وَاللَّهِ الْيَوْمَ لله، لكنه لا ينازعه فيه يومئذٍ أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>