بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
- ١ - لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ
- ٢ - وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ
- ٣ - وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ
- ٤ - لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ
- ٥ - أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ
- ٦ - يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَدًا
- ٧ - أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ
- ٨ - أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ
- ٩ - وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ
- ١٠ - وَهَدَيْنَاهُ النجدين
هذا قسم من الله تبارك وتعالى بِمَكَّةَ (أُم الْقُرَى) فِي حَالِ كَوْنِ السَّاكِنِ فيها حلالاً، لِيُنَبِّهَ عَلَى عَظَمَةِ قَدْرِهَا فِي حَالِ إِحْرَامِ أهلها، قال مُجَاهِدٍ: {لَا أُقسم بِهَذَا الْبَلَدِ} لَا، رَدَّ عليهم. أقسم بهذا البلد، وقال ابن عباس: {لاأقسم بِهَذَا الْبَلَدِ} يَعْنِي مَكَّةَ {وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} قَالَ: أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ يَحِلُّ لَكَ أن تقاتل به، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا أَصَبْتَ فِيهِ فَهُوَ حَلَالٌ لك، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ، وهذا المعنى قَدْ وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ: «إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ، أَلَا فليبلغ الشاهد الغائب» (أخرجه الشيخان وأصحاب السنن). وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ فَقُولُوا إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لكم»، وقوله تعالى: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} قال ابن عباس: الْوَالِدُ الَّذِي يَلِدُ {وَمَا وَلَدَ} الْعَاقِرُ الَّذِي لا يولد له، وقال مجاهد وقتادة والضحّاك: يَعْنِي بِالْوَالِدِ آدَمَ {وَمَا وَلَدَ} وَلَدَهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُجَاهِدٌ وَأَصْحَابُهُ حَسَنٌ قَوِيٌّ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَقْسَمَ بأُم الْقُرَى وَهِيَ الْمَسَاكِنُ، أَقْسَمَ بَعْدَهُ بِالسَّاكِنِ، وَهُوَ (آدَمُ) أَبُو البشر وولده، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ ولد وولده وهو محتمل أيضاً، وقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} رُوِيَ عَنِ ابن مسعود وابن عباس: يعني منتصباً، زاد ابن عباس: منتصباً فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالْكَبَدُ: الِاسْتِوَاءُ وَالِاسْتِقَامَةُ، وَمَعْنَى هذا القول: لقد خلقناه سوياً مستقيماً، كقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَىِّ صُورَةٍ مَّا شاء ركبك}، وكقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تقويم} وقال ابن عباس {فِي كَبَدٍ} فِي شِدَّةِ خَلْقٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute