للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- ١١ - كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ

- ١٢ - إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا

- ١٣ - فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا

- ١٤ - فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا

- ١٥ - وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا

يخبرتعالى عَنْ ثَمُودَ أَنَّهُمْ كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ، بِسَبَبِ مَا كانوا عليه من الطغيان والبغي، فَأَعْقَبَهُمْ ذَلِكَ تَكْذِيبًا فِي قُلُوبِهِمْ بِمَا جَاءَهُمْ به رسولهم عليه الصلاة والسلام مِنَ الْهُدَى وَالْيَقِينِ {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} أَيْ أشقى القبيلة وهو (قدار بن سالف) عاقر الناقة، وهو الذي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} الآية، وكان هذا الرجل عزيزاً شَرِيفًا فِي قَوْمِهِ، نَسِيبًا رَئِيسًا مُطَاعًا، كَمَا قال الإمام أحمد: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ النَّاقَةَ، وَذَكَرَ الَّذِي عَقَرَهَا، فَقَالَ: «{إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَارِمٌ عَزِيزٌ منيع في رهطه مثل أبي زمعة» (أخرجه البخاري ومسلم وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زمعة). وروى ابن أبي حاتم، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلِيٍّ: «أَلَا أُحَدِّثُكَ بِأَشْقَى النَّاسِ؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: «رَجُلَانِ أُحَيْمِرُ ثَمُودَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ، وَالَّذِي يَضْرِبُكَ يَا عَلِيُّ عَلَى هَذَا - يَعْنِي قَرْنَهُ - حَتَّى تبتل منه هذه» يعني لحيته (أخرجه ابن أبي حاتم). وقوله تعالى: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ} يَعْنِي صَالِحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ {نَاقَةَ اللَّهِ} أَيِ احْذَرُوا نَاقَةَ اللَّهِ أَنْ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ، {وَسُقْيَاهَا} أَيْ لَا تَعْتَدُوا عَلَيْهَا فِي سُقْيَاهَا فَإِنَّ لَهَا شِرْبُ يَوْمٍ، وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ معلوم، قال الله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} أَيْ كَذَّبُوهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ، فَأَعْقَبَهُمْ ذَلِكَ أَنْ عَقَرُوا النَّاقَةَ، الَّتِي أَخْرَجَهَا اللَّهُ مِنَ الصَّخْرَةِ آيَةً لَهُمْ وَحُجَّةً عَلَيْهِمْ، {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ} أَيْ غَضِبَ عَلَيْهِمْ فَدَمَّرَ عَلَيْهِمْ، {فَسَوَّاهَا} أَيْ فَجَعَلَ الْعُقُوبَةَ نَازِلَةً عَلَيْهِمْ عَلَى السَّوَاءِ. قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ أُحَيْمِرَ ثَمُودَ لَمْ يَعْقِرِ النَّاقَةَ حَتَّى تَابَعَهُ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ وَذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ، فَلَمَّا اشْتَرَكَ الْقَوْمُ في عقرها دمدم الله عليهم بذنبهم، فسواها، وقوله تعالى: {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَخَافُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ تَبِعَةً (وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ والحسن وبكر الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ)، وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} أَيْ لَمْ يَخَفِ الَّذِي عَقَرَهَا عَاقِبَةَ مَا صَنَعَ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عليه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>