الدُّنْيَا إِلَى آخِرِهَا ثُمَّ الْجَنَّةِ، وَبَيْنَ الصَّيْرُورَةِ إِلَى اللَّهِ عزَّ وجلَّ، اخْتَارَ مَا عِنْدَ الله على هذه الدنيا الدنية، روى الإمام أحمد، عن عبد الله بن مَسْعُودٍ قَالَ: اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ جَعَلْتُ أَمْسَحُ جَنْبَهُ، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا آذَنْتَنَا حَتَّى نَبْسُطَ لَكَ عَلَى الْحَصِيرِ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مالي وللدنيا إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَرَاكِبٍ ظَلَّ تَحْتَ شجرة ثم راح وتركها»(أخرجه أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صحيح). وقوله تعالى:{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} أَيْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ يُعْطِيهِ حَتَّى يُرْضِيَهُ فِي أُمته، وَفِيمَا أَعَدَّهُ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، ومنَّ جُمْلَتِهِ نَهْرُ الكوثر الذي حافتاه قباب الؤلؤ المجوف وطينه مسك أذفر كما سيأتي. وروي عن ابن عباس أنه قال: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم مَا هُوَ مَفْتُوحٌ عَلَى أُمته مِنْ بَعْدِهِ كَنْزًا كَنْزًا فَسُرَّ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} فَأَعْطَاهُ فِي الْجَنَّةِ أَلْفَ أَلْفَ قَصْرٍ فِي كُلِّ قَصْرٍ مَا يَنْبَغِي له من الأزواج والخدم (أخرجه ابن جرير، قال ابن كثير: إسناده صحيح، ومثل هذا لايقال إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ)، وَقَالَ السُّدِّيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنْ رِضَاءِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار، قال الحسن: يعني بذلك الشفاعة، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى يُعَدِّدُ