بحوافرها، وقيل: أسعرت الحرب بين ركبانهن، وَقِيلَ: هُوَ إِيقَادُ النَّارِ إِذَا رَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ مِنَ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ نِيرَانُ القبائل، قال ابن جرير: والصواب الأول: الخيل حين تقدح بحوافرها، وقوله تعالى: {فالمغيرات صُبْحاً} قال ابن عباس ومجاهد: يَعْنِي إِغَارَةَ الْخَيْلِ صُبْحًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَالَ: مَنْ فَسَّرَهَا بِالْإِبِلِ هُوَ الدَّفْعُ صُبْحًا مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، وَقَالُوا كُلُّهُمْ فِي قَوْلِهِ: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً} هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ أَثَارَتْ بِهِ الْغُبَارَ إِمَّا فِي حج أو غزو، وقوله تعالى: {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً} قال ابن عباس وعطاء: يَعْنِي جَمْعَ الْكُفَّارِ مِنَ الْعَدُوِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يكون فوسطن بذلك المكان جميعاً ويكون منصوباً على الحال المؤكدة، وقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} هَذَا هُوَ الْمُقْسَمُ عليه، بمعنى أنه لنعم ربه لكفور جحود، قال ابن عباس ومجاهد: الكنود الكفور. قال الحسن: الكنود هو الذي يعد المصائب وينسى نعم الله عليه، وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ على على ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} قال قتادة والثوري: وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ لِشَهِيدٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يعود الضمير على الإنسان فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ: وَإِنَّ الْإِنْسَانَ عَلَى كَوْنِهِ كَنُودًا لَشَهِيدٌ، أَيْ بِلِسَانِ حَالِهِ، أَيْ ظَاهِرٌ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {شَاهِدِينَ على أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أَيْ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ وَهُوَ الْمَالُ {لَشَدِيدٌ}، وَفِيهِ مَذْهَبَانِ: (أَحَدُهُمَا): أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنَّهُ لَشَدِيدُ الْمَحَبَّةِ لِلْمَالِ، (وَالثَّانِي): وَإِنَّهُ لَحَرِيصٌ بَخِيلٌ مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ، وَكِلَاهُمَا صحيح، ثم قال تبارك وتعالى مُزَهِّدًا فِي الدُّنْيَا، وَمُرَغِّبًا فِي الْآخِرَةِ، وَمُنَبِّهًا عَلَى مَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَ هَذِهِ الْحَالِ، وَمَا يَسْتَقْبِلُهُ الْإِنْسَانُ مِنَ الْأَهْوَالِ {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ؟} أَيْ أُخْرِجَ مَا فِيهَا مِنَ الْأَمْوَاتِ، {وَحُصِّلَ مَا فِي الصدور} يَعْنِي أَبْرَزَ وَأَظْهَرَ مَا كَانُوا يُسِرُّونَ فِي نُفُوسِهِمْ، {إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ} أَيْ لعالم بجميع مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ، ومجازيهم عَلَيْهِ أَوْفَرَ الْجَزَاءِ، وَلَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute