للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

طَرِيقَ إِلَيْهِ إِلَّا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَ غَيْرَ الله عبادة لم يأذن الله بها، ولهذا قال: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ}، وقال: {لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}، وقال البخاري {لَكُمْ دِينُكُمْ} الْكَفْرُ، {وَلِيَ دِينِ} الْإِسْلَامُ، وَلَمْ يَقُلْ: دِينِي، لِأَنَّ الْآيَاتِ بِالنُّونِ فَحُذِفَ الْيَاءُ، كما قال: {فهو يهدين} {ويشفين}، وَقَالَ غَيْرُهُ: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} الْآنَ ولا أجيبكم بما بَقِيَ مِنْ عُمُرِي {وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ}، وَنَقَلَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ كَقَوْلِهِ: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} فهذه ثلاثة أقوال: أولهما: ما ذكرناه أولاً. والثاني: مَا حَكَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْمُرَادَ: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ} فِي الْمَاضِي {وَلَا أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ} فِي الْمُسْتَقْبَلِ. الثَّالِثُ: أَنَّ ذَلِكَ تَأْكِيدٌ محض. وثمّ قول رابع: نصره ابن تَيْمِيَةَ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} نَفْيُ الْفِعْلِ لِأَنَّهَا جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ، {وَلَا أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ} نَفْيُ قَبُولِهِ لِذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ، لِأَنَّ النَّفْيَ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ آكَدُ، فَكَأَنَّهُ نَفَى الْفِعْلَ، وَكَوْنُهُ قَابِلًا لِذَلِكَ، وَمَعْنَاهُ نَفْيُ الْوُقُوعِ، وَنَفْيُ الْإِمْكَانِ الشَّرْعِيِّ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ أَيْضًا، وَاللَّهُ أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>