للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ وَاذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ فِي كَفِّي إِيَّاهُمْ عَنْكَ حِينَ جِئْتَهُمْ بِالْبَرَاهِينِ وَالْحُجَجِ الْقَاطِعَةِ عَلَى نُبُوَّتِكَ وَرِسَالَتِكَ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ،، فَكَذَّبُوكَ، وَاتَّهَمُوكَ بِأَنَّكَ سَاحِرٌ، وَسَعَوْا فِي قَتْلِكَ وَصَلْبِكَ، فَنَجَّيْتُكَ مِنْهُمْ، وَرَفَعْتُكَ إِلَيَّ، وَطَهَّرْتُكَ مِنْ دَنَسِهِمْ، وَكَفَيْتُكَ شَرَّهُمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الِامْتِنَانَ كَانَ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ بَعْدَ رَفْعِهِ إِلَى السماء، أَوْ يَكُونُ هَذَا الِامْتِنَانُ وَاقِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي دَلَالَةً عَلَى وُقُوعِهِ لَا مَحَالَةَ، وَهَذَا مِنْ أَسْرَارِ الْغُيُوبِ الَّتِي أطلع الله عليها نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم. وقوله: {وإذا أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي} وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الِامْتِنَانِ عَلَيْهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ جَعْلَ لَهُ أَصْحَابًا وَأَنْصَارًا، ثُمَّ قِيلَ: إن المراد نبهاذ الوحي وحي إلهام كما قال تَعَالَى: {وَأَوْحَيْنَآ إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} الْآيَةَ، وهو وحي إلهام بلا خلاف، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجبال بُيُوتاً} الآية، وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قالوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ}، أَيْ أُلْهَمُوا ذَلِكَ فَامْتَثَلُوا ما أهلموا، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَلْهَمَهُمُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ ذَلِكَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ ذَلِكَ، ويحتمل أن يكون المراد: وإذا أَوْحَيْتُ إِلَيْهِمْ بِوَاسِطَتِكَ فَدَعَوْتَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وبرسوله، واستجابوا وَانْقَادُوا وَتَابَعُوكَ، فَقَالُوا: {آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>