للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - حَدِيث عَائِشَة: أَن أَزوَاج النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسلن فَاطِمَة فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَرْسلنِي أَزوَاجك يسألنك الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة، وَالنَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نَائِم، فَقَالَ "يَا بنية أتحبين مَا أحب؟ قَالَت: نعم، قَالَ «فأحبي هَذِه» فَرَجَعت إلَيْهِنَّ فأخبرتهن بذلك فَقُلْنَ: مَا أغنيت عَنَّا شَيْئا. فأرسلن زَيْنَب بنت جحش - قَالَت: وَهِي الَّتِي كابت تساميني الْحبّ - فَجَاءَت فَقَالَت: بنت أبي بكر وَبنت أبي بكر، فَمَا زَالَت تذكرني وَأَنا ساكتة أنْتَظر أَن يَأْذَن لي رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَواب فَأذن لي، فسببتها حَتَّى جف لساني، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم «كلا إِنَّهَا ابْنة أبي بكر»

رَوَاهُ مُسلم.

[لفظ مُسلم:

أرسل أَزوَاج النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة بنت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. فاستأذنت عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجع معي فِي مِرْطِي، فَأذن لَهَا، فَقَالَت: يَا رَسُول الله! إِن أَزوَاجك أرسلنني إِلَيْك يسألنك الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة - وَأَنا ساكتة. قَالَت: فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم «أَي بنية! أَلَسْت تحبين مَا أحب؟» فَقَالَت: بلَى. قَالَ «فأحبي هَذِه» . قَالَت: فَقَامَتْ فَاطِمَة حِين سَمِعت ذَلِك من رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرَجَعت إِلَى أَزوَاج النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخبرتهن بِالَّذِي قَالَت، وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقُلْنَ لَهَا: مَا نرَاك أغنيت عَنَّا من شَيْء، فارجعي إِلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقولِي لَهُ: إِن أَزوَاجك ينشدنك الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة. فَقَالَت فَاطِمَة: وَالله! لَا ُأكَلِّمهُ فِيهَا أبدا. قَالَت عَائِشَة: فَأرْسل أَزوَاج النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب بنت جحش، زوج النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي آلتي كَانَت تساميني مِنْهُنَّ فِي الْمنزلَة عِنْد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم أر امْرَأَة قطّ خيرا فِي الدَّين من زَيْنَب، وَأَتْقَى لله، وأصدق حَدِيثا، وأوصل للرحم، وَأعظم صَدَقَة، وَأَشد ابتذالا لنَفسهَا فِي الْعَمَل الَّذِي تصدق بِهِ، وتقرب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى، مَا عدا سُورَة من حد كَانَت فِيهَا، تسرع مِنْهَا الْفَيْئَة. قَالَت: فاستأذنت عَلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ عَائِشَة فِي مرْطهَا، عَلَى الْحَالة الَّتِي دخلت فَاطِمَة عَلَيْهَا وَهُوَ بهَا. فَأذن لَهَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت: يَا رَسُول الله! إِن أَزوَاجك أرسلنني إِلَيْك يسألنك الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة. قَالَت ثمَّ وَقعت بِي، فاستطالت عَلّي، وَأَنا أرقب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأرقب طرفه، هَل يَأْذَن لي فِيهَا. قَالَت فَلم تَبْرَح زَيْنَب حَتَّى عرفت أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يكره أَن أنتصر. قَالَت: فَلَمَّا وَقعت بهَا لم أنشبها حِين أنحيت عَلَيْهَا. قَالَت: فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَبَسم «إِنَّهَا ابْنة أبي بكر» . ـ

الشَّرْح: (الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة) مَعْنَاهُ يسألنك التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي محبَّة الْقلب.

(ينشدنك) أَي يسألنك.

(تساميني) أَي تعادلني وتضاهيني فِي الحظوة والمنزلة الرفيعة، مَأْخُوذ من السمو، وَهُوَ الِارْتفَاع.

(سَوْرة) السُّورَة الثوران وعجلة الْغَضَب.

(من حد) هَكَذَا هُوَ فِي مُعظم النّسخ: سُورَة من حد، وَفِي بَعْضهَا: من حِدة، وَهِي شدَّة الْخلق وثورانه.

(الْفَيْئَة) الرُّجُوع.

وَمَعْنى الْكَلَام أَنَّهَا كَامِلَة الْأَوْصَاف إِلَّا أَن فِيهَا شدَّة خلق وَسُرْعَة غضب تسرع مِنْهَا الرُّجُوع، أَي إِذا وَقع ذَلِك مِنْهَا رجعت عَنهُ سَرِيعا، وَلَا تصر عَلَيْهِ.

(ثمَّ وَقعت بِي) أَي نَالَتْ مني بالوقيعة فِي.

(لم أنشبها) أَي لم أمهلها، (حِين) فِي بعض النّسخ حَتَّى، بدل حِين، وَكِلَاهُمَا صَحِيح، ورَجّح القَاضِي حِين. (أنحيت عَلَيْهَا) أَي قصدتها واعتمدتها بالمعارضة]

<<  <   >  >>