فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمس أن يتخذوا القبور مساجد، وبيّن أن الذين كانوا قبلنا كانوا يتخذون قبور الأنبياء والصالحين مساجد، وأنه هو صلى الله عليه وسلم نهانا أن نتخذ القبور مساجد؛ لئلا يعتقد أحد أن هذا مما يقتدى بهم فيه، فإن الله أخبر عنهم بذلك في قوله:{قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا}[الكهف: ٢١] .
ثم إنه صلى الله عليه وسلم وقت لقاء ربه لعن الكتابيين الذين اتخذوا القبور مساجد؛ ليعتبر بذلك ولا يتخذ قبره ولا قبر غيره مسجدًا. ولهذا لما قبضه الله إلى كرامته دفن في بيته ولم يبرز قبره؛ لئلا يقصده الناس للصلاة عنده ويتخذوه مسجدًا، فإنه قد جاء عنه أنه قال:«اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد»(١) . وقال: «لا تتخذوا قبري [عيدًا،
(١) أخرجه أحمد (٧٣٥٨) ، صححه الألباني في كتابه «تحذير الساجد» (١٨) . وجاء عند عبد الرزاق (١٥٩١٦) بلفظ: «اللهم إني أعوذ بك أن يتخذ قبري وثنًا ومنبري عيدًا» .