بِالْكَيِّ لِتِلْكَ الْمَادَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فِيهِ يَأْخُذُ الْجُزْءَ النَّارِيَّ الْمَوْجُودَ بِالْكَيِّ لِتِلْكَ الْمَادَّةِ.
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعَالَجَةُ الْأَمْرَاضِ الْمَادِّيَّةِ جَمِيعِهَا، وَهِيَ إمَّا حَارَّةٌ أَوْ بَارِدَةٌ أَوْ رَطْبَةٌ أَوْ يَابِسَةٌ أَوْ مَا تَرَكَّبَ مِنْهَا فَهَذِهِ كَيْفِيَّاتٌ أَرْبَعُ فَالْحَرَارَةُ وَالْبُرُودَةُ فَاعِلَتَانِ، وَالرُّطُوبَةُ وَالْيُبُوسَةُ مُنْفَعِلَتَانِ، وَفِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ شِدَّةَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ» مُعَالَجَةُ الْأَمْرَاضِ السَّاذَجَةِ الَّتِي لَا مَادَّةَ لَهَا.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ اسْتَطْلَقَ بَطْنَهُ فَقَالَ اسْقِهِ عَسَلًا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ قَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ شَيْئًا، وَفِي رِوَايَةٍ فَلَمْ يَزِدْهُ إلَّا اسْتِطْلَاقًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ اسْقِهِ عَسَلًا فَقَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ: صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ» وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ إنَّ أَخِي عَرِبَ بَطْنُهُ أَيْ فَسَدَ هَضْمُهُ وَاعْتَلَّتْ مَعِدَتُهُ وَالِاسْمُ الْعَرَبُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالذَّرْبُ أَيْضًا وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " صَدَقَ اللَّهُ " هَذِهِ الْآيَةَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: ٦٩] يَرْجِعُ إلَى الْعَسَلِ.
ثُمَّ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَتَادَةَ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ مَرَضٍ وَقَالَ السُّدِّيُّ فِيهِ شِفَاءٌ لِلْأَوْجَاعِ الَّتِي شِفَاؤُهَا فِيهِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَالْغَالِبُ فِي الْعَسَلِ أَنَّهُ يَعْمَلُ فِي الْأَدْوَاءِ فَإِذَا لَمْ يُوَافِقْ آحَادَ الْمَرْضَى فَقَدْ وَافَقَ الْأَكْثَرِينَ، وَهَذَا كَقَوْلِ الْعَرَبِ الْمَاءُ حَيَاةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ وَقَدْ نَرَى مَنْ يَقْتُلُهُ الْمَاءُ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute