فَيَحْنَثُ بِوَاحِدِ الْجِنْسِ.
وَلَوْ قَالَ نِسَاءٌ أَوْ عَبِيدٌ فَبِثَلَاثَةٍ لِلْجَمْعِ. ٣٦ -
وَلَوْ نَوَى الْجِنْسَ فِي الْكُلِّ صُدِّقَ لِلْحَقِيقَةِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
(٣٥) قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ بِوَاحِدٍ لِلْجِنْسِ إلَخْ إنَّمَا يَحْنَثُ بِالْوَاحِدِ مِنْ النَّاسِ وَاللُّقْمَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْقَطْرَةِ مِنْ الْمَاءِ، لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ فَيُصْرَفُ إلَى الْأَدْنَى.
أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَصْرِفُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الْوَاحِدِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ صَرَفَهُ إلَى الْكُلِّ فَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْكُلُّ انْصَرَفَ إلَى الْأَدْنَى.
وَبَيَانُ التَّعَذُّرِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَزَوُّجِ جَمِيعِ النِّسَاءِ وَشِرَاءِ جَمِيعِ الْعَبِيدِ وَكَلَامِ جَمِيعِ النَّاسِ وَأَكْلِ جَمِيعِ الطَّعَامِ وَشُرْبِ جَمِيعِ الْمَاءِ. وَالْحَالِفُ إنَّمَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ عَمَّا فِي وُسْعِهِ وَهَذَا فِي النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالنَّاسِ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهَا بِاللَّامِ صَارَتْ لِلْجِنْسِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ كَلَّمْت بَنِي آدَمَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ كَلَّمْت النَّاسَ، فَإِنَّ الْعَدَدَ لَمَّا لَمْ يَحْضُرْهُمْ اُقْتُصِرَ فِيهِ عَلَى الْوَاحِدِ وَإِضَافَتُهُمْ إلَى آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ إذْ هُوَ مُضَافٌ إلَى الْمَعْرِفَةِ فَصَارَ كَالتَّعْرِيفِ بِاللَّامِ فَيَصِيرُ لِلْجِنْسِ، لِأَنَّ جِنْسَهُمْ لَا يُذْكَرُ إلَّا هَكَذَا.
وَلَا فَرْقَ فِي غَيْرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ، فَلِهَذَا لَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْت الطَّعَامَ أَوْ طَعَامًا لِأَنَّهُ لِلْجِنْسِ بِوَضْعِهِ قَبْلَ دُخُولِ اللَّامِ فَاسْتَوَى وَجُودُهَا فِيهِ وَعَدَمُهَا بِخِلَافِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ إنَّمَا صَارَ لِلْجِنْسِ بِاللَّامِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الْوِفَاقُ بَيْنَ الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ فِيهِ حَتَّى لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت نِسَاءً أَوْ اشْتَرَيْت عَبِيدًا أَوْ كَلَّمْت رِجَالًا لَا يَحْنَثُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَلَا يَحْنَثُ بِالِاثْنَيْنِ كَمَا يُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ فَصَلُوا بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالْجَمْعِ كَمَا فَصَلُوا بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَنَعَتُوا الْجَمْعَ بِالثَّلَاثَةِ فَقَالُوا رِجَالٌ ثَلَاثَةٌ وَلَمْ يَنْعَتُوهُ بِالِاثْنَيْنِ فَلَمْ يَقُولُوا جَاءَنِي رِجَالٌ الِاثْنَانِ.
وَلَوْ نَوَى الْجِنْسَ صَدَقَ وَيَحْنَثُ بِالْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ نَوَى مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ صَدَقَ أَيْضًا.
(٣٦) قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْجِنْسَ فِي الْكُلِّ صَدَقَ لِلْحَقِيقَةِ. الصَّوَابُ كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ: وَلَوْ نَوَى فِي الْجِنْسِ الْكُلَّ، يَعْنِي لَوْ نَوَى فِي الْجِنْسِ جَمِيعَ النِّسَاءِ أَوْ جَمِيعَ الْعَبِيدِ، قَالَ مُحَمَّدٌ يَصْدُقُ وَلَا يَحْنَثُ أَبَدًا، وَدَلَّ إطْلَاقُهُ عَلَى أَنَّهُ يَصْدُقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ يَصْدُقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَمِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute