مَالِكٍ إنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَتَكَرَّرُ فِي السَّنَةِ، وَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّهَا تُكْرَهُ " لِلْمُقِيمِ بِمَكَّةَ " فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَيْسَ التَّمَتُّعُ مَشْرُوعًا لَهُ وَرُبَّمَا قَالُوا إنَّهَا تُحَرَّمُ فَلَا يَنْبَغِي لِلشَّافِعِيِّ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ، لِضَعْفِ مَأْخَذِ الْقَوْلَيْنِ، وَلِمَا يُفَوِّتُهُ مِنْ كَثْرَةِ الِاعْتِمَارِ، وَهُوَ مِنْ الْقُرُبَاتِ الْفَاضِلَةِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَيَنْبَغِي الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِيهِ زِيَادَةُ تَعَبُّدٍ كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ يَجِبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِنْشَاقُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِ كَلْبٍ ثَمَانِي مَرَّاتٍ وَالْغَسْلُ مِنْ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ ثَلَاثًا " لِخِلَافِ " أَبِي حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَسَبْعًا لِخِلَافِ أَحْمَدَ، وَالتَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِخِلَافِ أَحْمَدَ فِي وُجُوبِهَا، وَالتَّبْيِيتُ فِي نِيَّةِ صَوْمِ النَّفْلِ فَإِنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " وُجُوبُهُ، وَإِتْيَانُ الْقَارِنِ بِطَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ مُرَاعَاةً لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - "، وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) يُوجِبُهَا وَكَذَلِكَ التَّنَزُّهُ عَنْ بَيْعِ الْعِينَةِ وَنَحْوُهُ " مِنْ " الْعُقُودِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا.
وَأَصْلُ هَذَا الِاحْتِيَاطِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ: فَأَمَّا أَنَا فَأُحِبُّ أَنْ لَا أَقْصُرَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ احْتِيَاطًا عَلَى نَفْسِي.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَفْتَى بِمَا قَامَتْ الدَّلَالَةُ عِنْدَهُ عَلَيْهِ أَيْ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ ثُمَّ احْتَاطَ لِنَفْسِهِ اخْتِيَارًا لَهَا، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَرَادَ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute