للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْإِبْيَارِيُّ فِي شَرْحِهِ " هُوَ أَشْبَهُ الْمَذَاهِبِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: هَذَا الْمَذْهَبُ لَا يَخْتَصُّ الصَّحَابِيَّ، فَكُلُّ عَالِمٍ عَدْلٍ إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ ظُنَّ بِهِ الْمُخَالَفَةُ لِلتَّوْقِيفِ. وَالظَّاهِرُ إصَابَتُهُ فِي شُرُوطِهِ. قُلْت: وَقَدْ طَرَدَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي. ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ هُوَ لَا يَخْتَصُّ غَيْرَ الصَّحَابِيِّ إذَا كَانَ الْمُخَالِفُ صَحَابِيًّا، فَيَجِبُ إذًا عَلَى الصَّحَابِيِّ الِاقْتِدَاءُ بِالصَّحَابِيِّ الْمُخَالِفِ لِلْقِيَاسِ. وَالْحَاصِلُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ حُجَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقِيَاسِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي اخْتِلَافِهِ مَعَ مَالِكٍ، وَهُوَ مِنْ الْجَدِيدِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِحَجَّةٍ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ الْجَدِيدُ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ حُجَّةٌ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ قِيَاسٌ، فَيُقَدَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى قِيَاسٍ لَيْسَ مَعَهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ ". ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِيهَا أَنْ يَكُونَ الْقِيَاسَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ.

وَتَقَدَّمَ فِي نَقْلِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ عَنْهُ فِي قَوْلِ تَخْصِيصِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ ب " الْقِيَاسُ يُعْتَضَدُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ " الْقِيَاسَ الْخَفِيِّ، وَيَكُونُ فِيمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ قَوْلٌ رَابِعٌ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَصْلِهَا. وَتَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ: إذَا اعْتَضَدَ بِقِيَاسِ التَّقْرِيبِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِ التَّحْقِيقِ. وَعَنْ حِكَايَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ: إذَا اعْتَضَدَ بِقِيَاسٍ ضَعِيفٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ الْقَوِيِّ، فَيَتَخَرَّجُ مِنْ هَذَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ إنْ جَعَلْنَا الْقِيَاسَ الضَّعِيفَ أَعَمَّ مِنْ قِيَاسِ التَّقْرِيبِ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلٌ خَامِسٌ. وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ بِمَا إذَا كَانَ مُوَافِقًا لِقِيَاسٍ جَلِيٍّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ قِيَاسٌ جَلِيٌّ قَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>