وَطَافَ فَلَا دَمَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَكَمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَقَوْلِي وَطَافَ مِنْ زِيَادَتِي وَقَوْلِي فَلَا دَمَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ سَقَطَ الدَّمُ (وَإِنْ مَكَثَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الطَّوَافِ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَا لِصَلَاةٍ أُقِيمَتْ أَوْ شُغْلِ سَفَرٍ) كَشِرَاءِ زَادٍ وَشَدِّ رَحْلٍ (أَعَادَ) الطَّوَافَ بِخِلَافِ مَا إذَا مَكَثَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
(وَسُنَّ شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ) وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ شُرْبِهِ.
ــ
[حاشية الجمل]
مَكَّةَ وَتُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ مِنْ مَكَّةَ لَا مِنْ آخِرِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ الْوَدَاعَ لِلْبَيْتِ فَنَاسَبَ اعْتِبَارَ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ نِسْبَةً إلَيْهِ مِنْ الْحَرَمِ، وَقِيلَ مِنْ الْحَرَمِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَرْقِ. اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَطَافَ) أَمَّا لَوْ عَادَ لِلطَّوَافِ فَمَاتَ قَبْلَ الطَّوَافِ لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ عَنْهُ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ) لَا يُنَافِي التَّعْلِيلَ بِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ تَسْوِيَتُهُمْ بَيْنَ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ فِي وُجُوبِ الْوَدَاعِ لِأَنَّ سَفَرَهُ هُنَا لَمْ يَتِمَّ لِعَوْدِهِ بِخِلَافِ هُنَاكَ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَكَثَ بَعْدَهُ) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَاسِيًا) أَيْ لِوُجُوبِ الْخُرُوجِ عَقِبَ الطَّوَافِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَاهِلًا أَيْ بِمَا ذُكِرَ وَمِثْلُهَا الْمُكْرَهُ عَلَى الْمُكْثِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ مَكَثَ مُكْرَهًا بِأَنْ ضُبِطَ وَهُدِّدَ بِمَا يَكُونُ إكْرَاهًا فَهَلْ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ مَكَثَ مُخْتَارًا فَيَبْطُلُ الْوَدَاعُ أَوْ نَقُولُ الْإِكْرَاهُ يُسْقِطُ أَثَرَ هَذَا اللُّبْثِ فَإِذَا أُطْلِقَ وَانْصَرَفَ فِي الْحَالِ جَازَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَمِثْلُهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ عَقِبَ الْوَدَاعِ أَوْ جُنَّ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْإِعَادَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لَا لِصَلَاةٍ أُقِيمَتْ) أَيْ صَلَاةِ جَمَاعَةٍ كَمَا فِي شَرْحِ حَجّ وَكَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ أُقِيمَتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا لَا لِصَلَاةٍ أُقِيمَتْ إلَخْ) أَيْ لِغَيْرِ صَلَاةٍ أُقِيمَتْ وَغَيْرِ شُغْلِ سَفَرٍ وَذَلِكَ الْغَيْرُ كَعِبَادَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ بَلْ الْمَنْصُوصَ اغْتِفَارُ مَا بِقَدْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَيْ أَقَلِّ مُمْكِنٍ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ سَائِرِ الْأَغْرَاضِ إذَا لَمْ يُعَرِّجْ لَهَا أَيْ الْأَغْرَاضِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ) أَيْ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّهَا مُبَارَكَةٌ وَتُقَوِّي الْقَلْبَ وَهِيَ اسْمٌ لِلْبِئْرِ الْمَشْهُورَةِ قَرِيبًا مِنْ الْبَيْتِ وَأَصْلُهَا مِنْ ضَرْبِ جِبْرِيلَ الْأَرْضَ بِجَنَاحِهِ حِينَ عَطِشَتْ هَاجَرُ وَوَلَدُهَا إسْمَاعِيلُ لَمَّا وَضَعَهَا إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هُنَاكَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمَّا فَاضَ مِنْهَا الْمَاءُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَتْ لَهُ هَاجَرُ زُمَّ زُمَّ أَيْ اجْتَمِعْ يَا مُبَارَكُ فَاجْتَمَعَ فَسُمِّيَتْ زَمْزَمَ، وَيُقَالُ لَهَا زُمَازِمُ وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَاءَ حِينَ خَرَجَ مِنْهَا سَاحَ يَمِينًا وَشِمَالًا فَزُمَّ أَيْ مُنِعَ بِجَمْعِ التُّرَابِ حَوْلَهُ، وَرُوِيَ لَوْلَا أُمُّكُمْ هَاجَرُ حَوَّطَتْ عَلَيْهَا لَمَلَأَتْ أَوْدِيَةَ مَكَّةَ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ سُمِعَ مِنْهَا حِينَئِذٍ صَوْتٌ يُشْبِهُ صَوْتَ الْفَرَسِ عِنْدَ شُرْبِهَا الْمُسَمَّى بِذَلِكَ وَلَهَا أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ زَمْزَمُ وَهِزْمَةُ جِبْرِيلَ وَسُقْيَا اللَّهِ إسْمَاعِيلَ وَبَرَكَةٌ وَسَيِّدَةٌ وَنَافِعَةٌ وَمَصُونَةٌ وَعَوْنَةٌ وَبُشْرَى وَصَاحِبَةٌ وَبَرَّةٌ وَعِصْمَةٌ وَسَالِمَةٌ وَمَيْمُومَةٌ وَمُعْذِبَةٌ وَكَافِيَةٌ وَطَاهِرَةٌ وَحَرَمِيَّةٌ وَمُرُورِيَّةٌ وَمُؤْنِسَةٌ وَطَيِّبَةٌ وَشَبَّاعَةُ الْعِيَالِ وَطَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سَقَمٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ الْمَطْعُومَاتِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُشْبِعُ وَشِفَاءُ سَقَمٍ أَيْ شُرْبُ مَائِهَا يَشْفِي مِنْ السَّقَامِ وَهُوَ مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ وَأَفْضَلُ الْمِيَاهِ بَعْدَمَا نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَسُنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ لِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهَا مُبَارَكَةٌ وَأَنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» أَيْ فِيهَا قُوَّةُ الِاغْتِذَاءِ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ لَكِنْ مَعَ الصِّدْقِ كَمَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَلْ نَمَا لَحْمُهُ وَزَادَ سِمَنُهُ زَادَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَشِفَاءُ سَقَمٍ أَيْ حِسِّيٍّ أَوْ مَعْنَوِيٍّ، وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ شُرْبُهُ وَأَنْ يَقْصِدَ بِهِ نَيْلَ مَطْلُوبَاتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ لِخَبَرِ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» سَنَدُهُ حَسَنٌ، بَلْ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ أَئِمَّةٌ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ طَعَنَ فِيهِ بِمَا لَا يُجْدِي وَيُسَنُّ عِنْدَ إرَادَةِ شُرْبِهِ الِاسْتِقْبَالُ وَالْجُلُوسُ وَقِيَامُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ الْجَوَازِ، ثُمَّ اللَّهُمَّ إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَك مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ لِكَذَا اللَّهُمَّ فَافْعَلْ بِي ذَلِكَ بِفَضْلِك، ثُمَّ يُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى وَيُسِرُّ بِهِ وَيَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا وَأَنْ يَتَضَلَّعَ أَيْ يَمْتَلِئَ وَيُكْرَهُ تَنَفُّسُهُ عَلَيْهِ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «آيَةُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ» وَأَنْ يَنْقُلَهُ إلَى وَطَنِهِ اسْتِشْفَاءً وَتَبَرُّكًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ انْتَهَتْ.
وَقَوْلُهُ لِمَا شُرِبَ لَهُ هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ شَرِبَهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالشَّارِبِ نَفْسِهِ فَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ تَعَدِّي ذَلِكَ إلَى الْغَيْرِ فَإِذَا شَرِبَهُ إنْسَانٌ بِقَصْدِ وَلَدِهِ وَأَخِيهِ مَثَلًا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ إذَا شَرِبَ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ وَعِبَارَتُهُ فِي هَوَامِشِ فَتَاوَى حَجّ الْفِقْهِيَّةِ الْكُبْرَى نَصُّهَا قَوْلُهُ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» إلَخْ هَلْ وَلَوْ كَانَ طَلَبُ التَّحْصِيلِ بِهِ لِغَيْرِ شَارِبِهِ بِأَنْ شَرِبَ لِيَحْصُلَ لِوَلَدِهِ الْعِلْمُ أَوْ الشِّفَاءُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ يَكُونُ لَهُ وِلَايَةٌ أَوْ وَكَالَةٌ بِأَنْ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ وَلَيْسَ مُوَافِقًا لِمَا نُقِلَ عَنْهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَيُسَنُّ أَنْ يَنْوِيَ حَالَ