بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدَةِ فَأَكْثَرَ وَبِبَعْضِهَا (لَا لِعُذْرٍ) بِكَثْرَةِ قَمْلٍ أَوْ بِتَدَاوٍ لِجِرَاحَةٍ أَوْ بِتَأَذٍّ كَأَنْ تَأَذَّى بِشَعْرٍ نَبَتَ بِعَيْنِهِ أَوْ غَطَّاهَا أَوْ بِكَسْرِ ظُفُرِهِ، فَلَا تَحْرُمُ الْإِزَالَةُ بَلْ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِي التَّأَذِّي بِمَا ذُكِرَ
ــ
[حاشية الجمل]
الشَّعْرِ بِحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ أَوْ نَتْفٍ أَوْ إحْرَاقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِيهِ شَعْرُ الرَّأْسِ وَالْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَالشَّارِبِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ شُعُورِ الْبَدَنِ حَتَّى يَحْرُمَ بَعْضُ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ بَدَنِهِ وَإِزَالَةُ الظُّفْرِ كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ فَيَحْرُمُ قَلْمُهُ وَكَسْرُهُ وَقَطْعُ جُزْءٍ مِنْهُ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَصَى وَلَزِمَهُ الْفِدْيَةُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَشْطُ لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ إنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى نَتْفِ شَيْءٍ مِنْ الشَّعْرِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَيْهِ لَمْ يَحْرُمْ لَكِنْ يُكْرَهُ فَإِنْ مَشَطَ فَانْتُتِفَ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ فَإِنْ سَقَطَ شَعْرٌ فَشَكَّ هَلْ اُنْتُتِفَ بِالْمُشْطِ أَمْ كَانَ مُتَنَسِّلًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَشَطَ جِلْدَ رَأْسِهِ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ بَعْضَ أَصَابِعِهِ وَعَلَيْهِ شَعْرٌ وَظُفْرٌ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ حَلْقُ شَعْرِ الْحَلَالِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ حَلْقُ شَعْرِ الْمُحْرِمِ فَإِنْ حَلَقَ حَلَالٌ أَوْ، مُحْرِمٌ شَعْرَ مُحْرِمٍ آخَرَ ثَمَّ فَإِنْ كَانَ حَلَقَ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ وَإِنْ حَلَقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنْ كَانَ نَائِمًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ سَكَتَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْفِدْيَةَ عَلَى الْحَالِقِ وَقِيلَ عَلَى الْمَحْلُوقِ فَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ امْتَنَعَ الْحَالِقُ مِنْ إخْرَاجِهَا فَلِلْمَحْلُوقِ مُطَالَبَتُهُ بِإِخْرَاجِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا الْمَحْلُوقُ عَنْ الْحَالِقِ بِإِذْنِهِ جَازَ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ أَمَرَ حَلَالٌ حَلَالًا بِحَلْقِ شَعْرِ مُحْرِمٍ نَائِمٍ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْآمِرِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْحَالِقُ الْحَالَ فَإِنْ عَرَفَ فَعَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ.
(فَرْعٌ)
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِعُذْرٍ فَلَا إثْمَ، وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَفِيهَا صُوَرٌ مِنْهَا النَّاسِي وَالْجَاهِلُ فَعَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ هَذَا إتْلَافٌ فَلَا يَسْقُطُ ضَمَانٌ بِالْعُذْرِ كَإِتْلَافِ الْمَالِ وَمِنْهَا لَوْ كَثُرَ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ أَوْ كَانَ بِهِ جِرَاحَةٌ أَحْوَجَهُ أَذَاهُمَا إلَى الْحَلْقِ أَوْ تَأَذَّى بِالْحَلْقِ لِكَثْرَةِ شَعْرِهِ فَلَهُ الْحَلْقُ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَمِنْهَا لَوْ نَبَتَتْ شَعْرَةٌ أَوْ شَعَرَاتٌ دَاخِلَ جَفْنِهِ وَتَأَذَّى بِهَا قَلَعَهَا وَلَا فِدْيَةَ، وَكَذَا لَوْ طَالَ شَعْرُ حَاجِبِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَغَطَّى عَيْنَيْهِ قَطَعَ الْمُغَطِّيَ وَلَا فِدْيَةَ وَكَذَا لَوْ انْكَسَرَ بَعْضُ ظُفْرِهِ وَتَأَذَّى بِهِ قَطَعَ الْمُنْكَسِرَ وَلَا يَقْطَعُ مَعَهُ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ) يُشْكِلُ تَعْلِيلُهُمْ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ فِي الْحَلْقِ بِالتَّرَفُّهِ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّغْزِيرِ وَجَعَلُوا فِي إزَالَتِهِ مِنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ التَّعْزِيرَ وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِكَوْنِهِ مُزْرِيًا وَمُنَافٍ لِكَوْنِهِ تَرَفُّهًا إذْ هُوَ الْمُلَائِمُ لِلنَّفْسِ وَيَلْزَمُ مِنْ مُلَاءَمَتِهِ لَهَا عَدَمُ إزْرَائِهِ لَهَا وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ إطْلَاقِ كَوْنِهِ تَرَفُّهًا بَلْ فِيهِ تَرَفُّهٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُوَفِّرُ كُلْفَةَ الشَّعْرِ وَتَعَهُّدِهِ وَجِنَايَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّعْرَ جَمَالٌ وَزِينَةٌ فِي عُرْفِ الْعَرَبِ الْمُقَدَّمِ عَلَى غَيْرِهِ وَلِكَوْنِهِ جِنَايَةً سَاوَى نَحْوُ النَّاسِي غَيْرَهُ وَكَوْنُ بَقَائِهِ جَمَالًا «لَمْ يُحْلَقْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا فِي نُسُكٍ» فَإِنْ قُلْت لِمَ جُعِلَ رُكْنًا وَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ قُلْت أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ فِيهِ وَضْعَ زِينَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى فَأَشْبَهَ الطَّوَافَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إعْمَالُ النَّفْسِ فِي الْمَشْيِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الْعِبَادَةِ إمَّا بِالْإِعْلَامِ بِغَايَتِهَا كَالسَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ الْمُعْلَمِ بِحُصُولِهِ أَمْنُ الْآفَاتِ لِلْمُصَلِّي وَإِمَّا بِتَعَاطِي ضِدِّهَا كَتَعَاطِي الْمُفْطِرِ فِي الصَّوْمِ أَوْ دُخُولِ وَقْتِهِ وَالْحَلْقِ مِنْ حَيْثُ مَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ ضِدُّ الْإِحْرَامِ الْمُوجِبِ لِكَوْنِ الْمُحْرِمِ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي تَحَلُّلِهِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الشَّعْرِ الْكَائِنِ فِي الْمَتْنِ أَوْ فِي الْآيَةِ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيرُهُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ تَأَذَّى بِشَعْرٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ أَدْنَى تَأَذٍّ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. حَجّ وَع ش عَلَى م ر وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللُّبْسِ لِحَاجَةٍ غَيْرُ خَفِيٍّ إذْ مِنْ شَأْنِ هَذَا عَدَمُ الصَّبْرِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ اللُّبْسِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: نَبَتَ بِعَيْنِهِ) وَمِمَّا جُرِّبَ لِإِزَالَتِهِ دُهْنَهُ بَعْدَ نَتْفِهِ بِالزَّبَادِ أَوْ بِدَمِ الضِّفْدَعِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَمِنْ خَوَاصِّ الْيَرْبُوعِ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ أَنَّهُ إذَا نُتِفَ الشَّعْرُ الَّذِي يَنْبُتُ فِي الْعَيْنِ وَدُهِنَ مَكَانُهُ بِدَمِ الْيَرْبُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبُتُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْيَرْبُوعُ حَيَوَانٌ صَغِيرٌ يُشْبِهُ الْفَأْرَ أَبْيَضُ الْبَطْنِ أَغْبَرُ الظَّهْرِ اهـ. مِنْ شَيْخِنَا الْحَفْنَاوِيِّ فِي قِرَاءَةِ الشِّنْشَوْرِيِّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَحْرُمُ الْإِزَالَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الشَّعْرِ الْمُؤْذِي أَوْ الظُّفْرِ مَا لَا يَتَأَتَّى قَطْعُ الْمُنْكَسِرِ إلَّا بِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَبْقَى شَيْئًا مِنْ الْمُؤْذِي لِضَرَّهُ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى حِدَةٍ قَدْ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ اهـ.
فَهُوَ نَصٌّ فِي الْجَوَازِ كَمَا بَحَثَهُ أَوَّلًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلدَّمِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ كَمَا اسْتَقْرَبَتْهُ وَتُفْهِمُهُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِي التَّأَذِّي بِمَا ذُكِرَ) بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ لِضَرُورَةٍ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَمَا كَانَ لِحَاجَةٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ جَازَ الْفِعْلُ فِيهِمَا اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَذَا