للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَعَمْ لَا يَصِحُّ الِاكْتِرَاءُ لِزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَمِثْلُهُ زِيَارَةُ سَائِرِ مَا تُسَنُّ زِيَارَتُهُ وَبِخِلَافِ عِبَادَةٍ تَجِبُ فِيهَا نِيَّةٌ وَتَقْبَلُ النِّيَابَةَ

ــ

[حاشية الجمل]

لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْقَبْرِ أَوْ مَعَ الدُّعَاءِ بِمِثْلِ مَا حَصَلَ مِنْ الْأُجْرَةِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ عَقِبَهَا عَيَّنَ مَكَانًا أَوْ زَمَانًا أَوْ لَا لِلْمَيِّتِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَمَعَ ذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ حَالَتُهَا كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ لِأَنَّ مَوْضِعَهَا مَوْضِعُ بَرَكَةٍ وَنُزُولِ رَحْمَةٍ وَالدُّعَاءُ بَعْدَهَا أَقْرَبُ إجَابَةً وَإِحْضَارُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْقَلْبِ سَبَبٌ لِشُمُولِ الرَّحْمَةِ إذَا نَزَلَتْ عَلَى قَلْبِ الْقَارِئِ وَأُلْحِقَ بِهَا الِاسْتِئْجَارُ لِمَحْضِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عَقِبَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ وُجُودَ اسْتِحْضَارِهِ بِقَلْبِهِ أَوْ كَوْنَهُ بِحَضْرَتِهِ كَافٍ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ أَوْ مِثْلَهُ مُقَدَّمًا إلَى حَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ جَائِزٌ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ وَقَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الدُّعَاءِ بِالزِّيَادَةِ فِي الشَّرَفِ إيهَامُ نَقْصٍ كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي إفْتَاءٍ طَوِيلٍ وَمِنْ الزِّيَادَةِ فِي الشَّرَفِ أَنْ يَتَقَبَّلَ اللَّهُ عَمَلَ الدَّاعِي بِذَلِكَ وَيُثِيبَهُ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ أُثِيبَ مِنْ الْأُمَّةِ كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ ثَوَابِهِ مُتَضَاعِفًا بِعَدَدِ الْوَسَائِطِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلِّ عَامِلٍ مَعَ اعْتِبَارِ زِيَادَةٍ مُتَضَاعِفَةٍ كُلُّ مَرْتَبَةٍ عَمَّا بَعْدَهَا فَفِي الْأُولَى ثَوَابُ إبْلَاغِ الصَّحَابِيِّ وَعَمَلِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ هَذَا وَإِبْلَاغُ التَّابِعِيِّ وَعَمَلُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ ذَلِكَ كُلُّهُ وَإِبْلَاغُ تَابِعِ التَّابِعِيِّ وَهَكَذَا وَذَلِكَ شَرَفٌ لَا نِهَايَةَ لَهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ وَمَعَ ذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ فِي ابْتِدَاءِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ بَعْدُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ صَارِفٌ كَمَا فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ مَثَلًا حَيْثُ اكْتَفَى بِهَا عِنْدَ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ اسْتِحْضَارهَا فِي بَقِيَّتِهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.

(فَائِدَةٌ) جَلِيلَةٌ وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ مِنْ الدَّاعِينَ عَقِبَ الْخَتَمَاتِ مِنْ قَوْلِهِمْ اجْعَلْ اللَّهُمَّ ثَوَابَ مَا قُرِئَ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَقُولُ وَاجْعَلْ مِثْلَ ثَوَابِ ذَلِكَ وَأَضْعَافَ أَمْثَالِهِ إلَى رُوحِ فُلَانٍ أَوْ فِي صَحِيفَتِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ هَلْ يَجُوزُ أَمْ يَمْتَنِعُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِشْعَارِ بِتَعْظِيمِ الْمَدْعُوِّ لَهُ بِذَلِكَ أَيْ تَعْظِيمًا أَزْيَدَ مِنْ تَعْظِيمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ اعْتَنَى بِهِ فَدَعَا لَهُ بِأَضْعَافِ مِثْلِ مَا دَعَا بِهِ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الدَّاعِيَ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ تَعْظِيمَ غَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى إظْهَارِ احْتِيَاجِ غَيْرِهِ لِلرَّحْمَةِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَاعْتِنَاؤُهُ بِهِ لِلِاحْتِيَاجِ الْمَذْكُورِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقُرْبِ مَكَانَتِهِ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْإِجَابَةُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ مُحَقَّقَةٌ وَغَيْرُهُ لِبُعْدِ رُتْبَتِهِ عَمَّا أُعْطِيَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَتَحَقَّقُ الْإِجَابَةُ لَهُ بَلْ قَدْ لَا تَكُونُ مَظْنُونَةً فَنَاسَبَ تَأْكِيدَ الدُّعَاءِ لَهُ وَتَكْرِيرَ رَجَاءِ الْإِجَابَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقِرَاءَةٍ فَقَرَأَ جُنُبًا وَلَوْ نَاسِيًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا إذْ الْقَصْدُ بِالِاسْتِئْجَارِ لَهَا حُصُولُ ثَوَابِهَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَقَبُولِ الدُّعَاءِ عَقِبَهَا وَالْجُنُبُ لَا ثَوَابَ لَهُ عَلَى قِرَاءَتِهِ بَلْ عَلَى قَصْدِهِ فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ اسْتَحَقَّ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا لِأَنَّ الثَّوَابَ هُنَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالذَّاتِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ التَّعْلِيمُ وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ الْجَنَابَةِ وَلَوْ تَرَكَ مِنْ الْقِرَاءَةِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهَا آيَاتٍ فَالْوَجْهُ لُزُومُ قِرَاءَةِ مَا تَرَكَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ مَا بَعْدَهُ وَأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقِرَاءَةٍ عَلَى قَبْرٍ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ الشُّرُوعِ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ عَمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ الصَّارِفِ وَلَا يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ فِي النَّذْرِ بِاشْتِرَاطِ نِيَّةِ أَنَّهَا عَنْهُ لِأَنَّ هُنَا قَرِينَةً صَارِفَةً لِوُقُوعِهَا عَمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ ثَمَّ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَلْزَمَ ذِمَّتَهُ التَّعْلِيمُ أَوْ يَسْتَأْجِرَ عَيْنَهُ وَلَا يَنُصُّ عَلَى أَنْ يُقْرِئَهُ جُنُبًا فَتَتَّفِقَ لَهُ الْجَنَابَةُ وَيُعَلِّمَ مَعَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عَيْنَهُ وَهُوَ جُنُبٌ لِيُعَلِّمَهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ عَقْدٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَهُوَ فَاسِدٌ.

(فَرْعٌ) الْوَجْهُ جَوَازُ تَقْطِيعِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ فِي الْقِرَاءَةِ لِلتَّعْلِيمِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ) أَيْ لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهُ وَلَوْ قَالَ سَيِّدُ رَقِيقٍ صَغِيرٍ لِمُعَلِّمِهِ لَا تُمَكِّنُهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ إلَّا مَعَ وَكِيلٍ فَوَكَّلَ بِهِ صَغِيرًا فَهَرَبَ مِنْهُ ضَمِنَهُ لِتَفْرِيطِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلَهُ فَوَكَّلَ بِهِ صَغِيرًا لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالصَّغِيرِ هُنَا مَنْ لَا يَقْدِرُ عَادَةً عَلَى حِفْظِ مِثْلِ ذَلِكَ الرَّقِيقِ بِخِلَافِ الْمُرَاهِقِ بِالنِّسْبَةِ لِرَقِيقٍ سِنُّهُ نَحْوَ خَمْسٍ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَقُلْ سَيِّدُهُ وَكِّلْ بِهِ وَلَدًا مِنْ عِنْدِك وَخَرَجَ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَوْكِيلُ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهُ لِلْحِفْظِ وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ وَلِيٌّ حُرٌّ لِمُعَلِّمِهِ مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَرَكَهُ فَضَاعَ أَوْ سُرِقَ مِنْهُ مَالٌ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَمَتَاعُهُ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ فِي يَدِ مَالِكِهِ لَا فِي يَدِ الْمُعَلِّمِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا يَصِحُّ الِاكْتِرَاءُ لِزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>