أَمْنِ الْفِتْنَةِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حِلُّهُ
(وَحَلَّ بِلَا شَهْوَةٍ نَظَرٌ لِصَغِيرَةٍ) لَا تُشْتَهَى (خَلَا فَرْجٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَظِنَّةِ شَهْوَةٍ أَمَّا الْفَرْجُ فَيُحَرَّمُ نَظَرُهُ وَقَطَعَ الْقَاضِي بِحِلِّهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَعَلَى الْأَوَّلِ اسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْأُمَّ زَمَنَ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ لِلضَّرُورَةِ أَمَّا فَرْجُ الصَّغِيرِ فَيَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ مَا لَمْ يُمَيِّزْ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ
(وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ) وَهُوَ ذَاهِبُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَهْوَةٌ (لِأَجْنَبِيَّةٍ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَنَظَرُ أَجْنَبِيَّةٍ لِمَمْسُوحِ (وَ) نَظَرُ (رَجُلٍ لِرَجُلٍ وَ) نَظَرُ (امْرَأَةٍ لِامْرَأَةٍ كَنَظَرٍ لِمَحْرَمٍ) فَيَحِلُّ بِلَا شَهْوَةٍ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ لِمَا عُرِفَ
(وَحُرِّمَ نَظَرُ كَافِرَةٍ لِمُسْلِمَةٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَى مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا) أَيْ الْحُرَّةِ إذْ هِيَ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَقِيلَ فِيهَا بِجَوَازِ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَقِيلَ بِجَوَازِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ أَيْ نَظَرُهَا لِوَجْهِ الرَّجُلِ وَكَفَّيْهِ وَقَوْلُهُ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ أَيْ وَعِنْدَ عَدَمِ الشَّهْوَةِ وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الضَّعِيفَ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ لِوَجْهِ الرَّجُلِ وَكَفَّيْهِ فَقَطْ مَعَ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَعِبَارَتُهُ وَالْأَصَحُّ جَوَازُ نَظَرِ الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَى بَدَنِ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ سِوَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ إنْ لَمْ تَخَفْ فِتْنَةً وَلَا نَظَرَتْ بِشَهْوَةٍ قُلْت الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ كَهُوَ أَيْ كَنَظَرِهِ إلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ) وَأُيِّدَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ لِوُلَاةِ الْأُمُورِ مَنْعَ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَنَعَهُنَّ مِنْ ذَلِكَ لَا لِأَجْلِ وُجُوبِ السَّتْرِ عَلَيْهِنَّ لِذَاتِهِ بَلْ
لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً
وَفِي تَرْكِهِ إخْلَالٌ بِالْمُرُوءَةِ وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا وَعَلَى الرِّجَالِ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهُنَّ أَيْ فَإِنْ عَلِمْنَ نَظَرَ أَجْنَبِيٍّ لَهُنَّ وَجَبَ عَلَيْهِنَّ السَّتْرُ وَهَذَا مَا قَالَهُ حَجّ وَضَعَّفَ شَيْخُنَا مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَنَعَ كَوْنَ وُلَاةِ الْأُمُورِ إنَّمَا مَنَعُوا مِمَّا ذُكِرَ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لَا لِكَوْنِ السَّتْرِ وَاجِبًا لِذَاتِهِ قَالَ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِكَوْنِ السَّتْرِ وَاجِبًا لِذَاتِهِ وَفِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ وُجُوبُ السَّتْرِ عَلَى الرَّجُلِ لِوَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا لِئَلَّا يَنْظُرَ إلَيْهِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ لَهُ فَكَذَلِكَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ وَلَا يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِهِ.
فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ حَجّ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: نَظَرٌ لِصَغِيرَةٍ خَلَا فَرْجِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّغِيرَةُ مَحْرَمًا لِلنَّاظِرِ أَوْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ لِصَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى أَيْ عِنْدَ أَهْلِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ تُشْتَهَ لَهُمْ لِتَشَوُّهٍ بِهَا قُدِّرَ فِيمَا يَظْهَرُ زَوَالُ تَشَوُّهِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَهَاةً لَهُمْ حِينَئِذٍ حُرِّمَ نَظَرُهَا وَإِلَّا فَلَا وَفَارَقَتْ الْعَجُوزَ بِسَبَبِ اشْتِهَائِهَا وَلَوْ تَقْدِيرًا فَاسْتَصْحِبْ وَلَا كَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْفَرْجُ) أَيْ الْقُبُلُ وَالدُّبْرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ فِي الْقُبُلِ بِالنَّاقِضِ بَلْ حَتَّى مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ غَالِبًا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: اسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْأُمَّ) أَيْ وَنَحْوَهَا كَمُرْضِعَةٍ أَوْ مُرَبِّيَةٍ لَهَا كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا كحج فِي الْأُولَى وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِثْلَهَا الثَّانِيَةُ وَقَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ أَيْ فَيَجُوزُ لَهَا نَظَرُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَسَّهُ لِلْحَاجَةِ كَغَسْلِهِ وَمَسْحِهِ كَذَلِكَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَمَّا فَرْجُ الصَّغِيرِ فَيَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَقْبَحُ اسْتِقْبَاحَ فَرْجِ الصَّغِيرَةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ فَرْجَ الصَّغِيرِ كَفَرْجِ الصَّغِيرَةِ فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ لِغَيْرِ الْمُرْضِعَةِ وَنَحْوِهَا اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ) فِي هَامِشِ الْمُحَلَّى بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمَمْسُوحِ فِي النَّظَرِ خَاصَّةً كَمَا فَرَضَهَا الْمُؤَلِّفُ، وَأَمَّا الدُّخُولُ عَلَيْهِنَّ فَجَائِزٌ قَطْعًا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا اُتُّجِهَ التَّحْرِيمُ قَطْعًا بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِ نَظَرِ الذِّمِّيَّةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ فِي الْمَمْسُوحِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمَةِ، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا مُنِعَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ لِأَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ عَدَالَتِهِمَا وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مَيْلٌ لِلنِّسَاءِ أَصْلًا وَبِشَرْطِ إسْلَامِهِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً وَيَلْحَقُ بِالنَّظَرِ أَيْضًا الْخَلْوَةُ وَالسَّفَرُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِمَا عُرِفَ) أَيْ مِنْ الْآيَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: ٣١] إلَخْ حَيْثُ فُسِّرَتْ فِيهَا الزِّينَةُ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَالْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ عُرِفَتْ مِنْ مَنْطُوقِ الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] وَالرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ عُرِفَ مِنْ مَفْهُومِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهَا فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ نَظَرُ كَافِرَةٍ لِمُسْلِمَةٍ) أَيْ حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ تَمْكِينُ الْكَافِرَةِ مِنْ نَظَرِهَا وَالتَّكَشُّفُ لَهَا وَقَوْلُهُ فَلَا تَدْخُلُ أَيْ الْكَافِرَةُ مَعَهَا أَيْ الْمُسْلِمَةِ أَيْ فَتَمْنَعُ الْمُسْلِمَةُ الْكَافِرَةَ وَلَا تُمَكِّنُهَا مِنْ الدُّخُولِ مَعَهَا وَقَوْلُهُ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ تَرَى مِنْهَا أَيْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمَةِ أَنْ تَكْشِفَ لِلْكَافِرَةِ مِنْ بَدَنِهَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَقَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ أَيْ فَيَجُوزُ لَهَا تَمْكِينُهَا مِنْ نَظَرِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ نَظَرِ كَافِرَةٍ إلَى مُسْلِمَةٍ فَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَةَ الِاحْتِجَابُ عَنْهَا وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ عَلَى الْكَافِرَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ قُلْنَا بِتَكْلِيفِ الْكَافِرِ